كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
الزهري مطولًا، وأوَّله: ما لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسلمًا بذكر -أي: بصريح اسمه- وما ضرب بيده شيئًا قط إلّا أن يضرب في سبيل الله، ولا سُئِلَ شيئًا قط فمنعه إلّا أن يسئل مأثمًا، ولا انتقم لنفسه من شيء إلا أن تُنْتَهَكَ حرمات الله فيكون لله ينتقم. الحديث.
ومما روي من اتساع خلقه وحلمه -صلى الله عليه وسلم، اتساع خلقه للطائفة المنافقين الذين كانوا يؤذونه إذا غاب ويتملَّقون له إذا حضر، وذلك مما تنفر منه النفوس البشرية حتى تؤيدها العناية الربانية.
وكان -صلى الله عليه وسلم- كُلَّمَا أذن له في التشديد عليهم فتح لهم بابًا من الرحمة، فكان يستغفر لهم ويدعو لهم، حتى أنزل الله عليه: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] فقال -عليه الصلاة والسلام: "خيَّرَنِي ربي فاخترت أن أستغفر لهم"،..............................
__________
الزهري" بهذا الإسناد، كما في الفتح، أي: بإسناد الزهري، وهو عروة عن عائشة مرسل، كما يوهمه تصرف المصنف، "مطولًا، وأوَّله ما لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسلمًا يذكر، أي: بصريح تفسير لذكر "اسمه، وما ضرب بيده شيئًا قط" آدميًّا، ولا غيره، كما يأتي "إلّا أن يضرب في سبيل الله" فيضرب أن احتاج، "ولا سُئِلَ شيئًا قط فمنعه" بل يعطيه إن كان عنده وإلّا وعد، "إلّا أن يسأل مأثمًا" مصدر ميمي، بمعنى إثما، أي: ما فيه إثم من قول، أو فعل، "ولا انتقم لنفسه من شيء إلَّا أن تنتهك" -بضم الفوقية، وسكون النون، وفتح الفوقية- والهاء، أي: لكن إذا انتهكت "حرمات الله، فيكون لله ينتقم" لا لنفسه، ممن ارتكب تلك الحرمة، "الحديث" زاد في الفتح، وهذا السياق.
سوى صدر الحديث عند مسلم، من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة، وأخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس، وفيه: "ما انتقم لنفسه إلّا أن تنتهك حرمة الله، فإن انتهكت حرمة الله كان أشد الناس غضبًا لله، "ومما روي من اتساع خلقه وحلمه -صلى الله عليه وسلم، اتساع خلقه لطائفة المنافقين" قال ابن عباس: كان المنافقون من الرجال ثلاثمائة، ومن النساء مائة وسبعين، "الذين كانوا يؤذونه، إذا غاب يتملقون" ويتوددون "له إذا حضر، وذلك مما تنفر منه النفوس البشرية، حتى تؤيدها العناية الربانية؛ وكان -صلى الله عليه وسلم- كلما أذن له في التشديد عليهم، فتح لهم بابًا من الرحمة" لأنه رحمة، "فكان يستغفر لهم، ويدعو لهم، حتى أنزل الله عليه: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] الآية، فقال -عليه الصلاة والسلام: "خَيَّرَني ربي" بين الاستغفار وتركه، "فاخترت أن أستغفر لهم" واستشكل فهم التخيير في الآية؛ لأن المراد بهذا العدد، أن