كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
من هذا المنافق من الإيذاء له، وقابله بالحسنى, فألبسه قميصه كفنًا, وصلَّى عليه واستغفر له.
من ذلك أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يؤاخذ لبيد بن الأعصم إذ سحره.
وعفا عن اليهودية التي سمَّته في الشاة على الصحيح من الرواية. والله يرحم القائل:
وما الفضل إلا خاتم..............
__________
المنافق من الإيذاء له" كقوله: ليخرجن الأعز منها الأذل، لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا, وتولّيه كبر الإفك، "وقابله بالحسنى، فألبسه قميصه كفنًا، وصلى عليه، واستغفر له.
ذكر الواقدي: إن مجمع بن جارية، قال: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطال الصلاة على جنازةٍ قط ما أطال على جنازة ابن أُبَيّ من الوقوف، ولابن إسحاق عن عمر: ومشى معه حتى قام على قبره؛ حتى فرغ منه، وفي رواية للبخاري، عن عمر: فصلينا معه، قال أبو نعيم: ففيه أن عمر ترك رأي نفسه وتابعه -صلى الله عليه وسلم "ومن ذلك؛ أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يؤاخذ لبيد" -بفتح اللام، وكسر الموحدة، وإسكان التحتية، ومهملة- "ابن الأعصم" بمهملتين، بوزن أحمر، ويقال: أعصم بلا ألف يهودي، كما في الصحيحين، عن عائشة, من بني زريق -بضم الزاي وفتح الراء- بطن من الأنصار, ذكر الواقدي؛ أنه كان حليفًا فيهم, ووقع لعياض أنه أسلم، ورده البرهان؛ بأنه لا يعلم له إسلامًا، ولا ذكرًا في الصحابة، وقيل: كان منافقًا، ولعل المراد العرفي؛ إذ النفاق إخفاء الكفر، وإظهار الإسلام، ولبيد لم يكن كذلك، فهو على حد قوله -صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب؛ وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان". رواه الشيخان. ويطلق النفاق على الكفر أيضًا، "إذ سحره" تعليلية بنفسه على ظاهر حديث الصحيحين، وعند ابن سعد: إنما سحره بنات لبيد، ولبيد هو الذي ذهب به، فإن صحَّ، فنُسِبَ إليه مجازًا لأخذه من بناته، وذهابه إلى البئر به، ومكث -صلى الله عليه وسلم- في السحر أربعين يومًا، رواه الإسماعيلي، ولأحمد ستة أشهر، وجمع بأنها من ابتداء تغير مزاجه، والأربعين من استحكامه، قال في الشفاء: وقد أعلم به، وأوحي إليه بشرح أمره، ولا عتب عليه فضلًا عن معاقبته، "وعفا عن اليهودية التي سمته في الشاة على الصحيح من الرواية" قال عياض: أي في حق نفسه، فلا ينافي أنه قتلها بعد ذلك، لما مات بشر بن البراء قصاصًا، ومرَّت القصة في خيبر، وأنها أسلمت -رضي الله عنها، "والله يرحم القائل، وما الفضل" الزيادة في مراتب القرب "إلّا خاتم" أي: زيادة