كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

وما نيل منه شيء فينتقم من صاحبه إلّا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله. رواه مسلم.
وسئلت عائشة: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خلا في بيته؟ قالت: كان ألين الناس، بسَّامًا ضحَّاكًا، لم ير قط مادًّا رجليه بين أصحابه.
وعنها: ما كان أحد أحسن خلقًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم, ما دعاه أحد من أصحابه إلّا قال: لبيك. رواه.
وعند أحمد وابن سعد وصحَّحَه ابن حبان عنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخيط ثوبه ويخصف -بكسر- نعله، وفي رواية لأحمد: ويرفع دلوه، وعنده أيضا: يغلي
__________
وما قتل بيده أحد غيره، بل قال ابن تيمية: لا نعلمه ضرب بيده أحدًا غيره، "وما نيل منه شيء، فينتقم من صاحبه"؛ إذ طبعه لا ينتقم لنفسه "إلا أن ينتهك" -بضم، فسكون، ففتح- أي: لكن إذا انتهك "شيء من محارم الله، فينتقم لله" لا لنفسه ممن ارتكب تلك الحرمة، "رواه مسلم" وبعضه رواه البخاري، "وسئلت" كما رواه ابن سعد وغيره "عائشة: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خلا في بيته؟، قالت: كان" إذا خلا بنسائه "ألين الناس، بسَّامًا" كثير التبسم، "ضحَّاكًا" بمعنى ضاحكًا زيادة عن التبسم قليلًا، في بعض الأحيان "لم ير قط مادًّا رجليه بين أصحابه" زاد في رواية حتى يضيق بهما على أحد، "وعنها: ما كان أحد أحسن خلقًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم" وبيَّنت بعض ذلك؛ بأنه "ما دعاه" أي ناداه "أحد من أصحابه إلا، قال: "لبيك" ظاهره أنه جوابه دائمًا، ويحتمل أنه كناية عن سرعة الجواب مع التعظيم، "رواه" كذا في نسخ وبعدها بياض، وفي أخرى بدون رواه، وفي بعضها رواه البخاري، وهي خطأ، فقد قال السيوطي في تخريج أحاديث الشفاء:
رواه أبو نعيم في الدلائل بسند واهٍ, وروى أبو داود، والترمذي عن أنس، والبزار عن أبي هريرة: ما التقم أحد أذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنحَّى رأسه عنه، حتى يكون الرجل هو الذي ينحِّي رأسه، وما أخذ أحد بيده، فيرسل يده حتى يرسلها الآخذ، "وعند أحمد، وابن سعد، وصححه ابن حبان، عنها" أي: عائشة، "قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخيط" -بفتح الياء، وكسر الخاء- "ثوبه ويخصف -بكسر" المهملة، "فعله" أي: خرز طاقًا على طاق، بقية هذه الرواية عند أحمد، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم، أي: من الاشتغال بمهنة الأهل والنفس إرشاد للتواضع، وترك التكبر، لكنه مشرف بالوحي والنبوة، مكرَّم بالرسالة والآيات، "وفي رواية لأحمد، ويرفع" بفتح، فسكون، ففتح، "دلوه" أي: يصلحه، "وعنده أيضًا يفلي" بفتح، فسكون مضارع فلي ثلاثيًّا،

الصفحة 44