كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
ثوبه، ويحلب شاته ويخدم نفسه.
وهذا يتعيِّن حمله على أوقات, فإنه ثبت أنه كان له خدم، فتارة يكون بنفسه وتارة بغيره، وتارة بالمشاركة.
وكان يركب الحمار، ويردف خلفه، وركب يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف. رواه الترمذي.
وعن قيس بن سعد قال: زارنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فلما أراد الانصراف قرَّب له سعد حمارًا وطأ عليه بقطيفة، وركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم, ثم قال سعد: يا قيس، اصحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم،.......................................
__________
كما ضبطه غير واحد، يجوز ضم أوله، وسكون ثانيه مخففًا، أو فتحه مثقلًا "ثوبه" أي: يزيل قمله، وظاهره إن العمل يؤذيه، لكن قال ابن سبع: لم يكن فيه قمل، لأنه نور، ولأن أكثره من العفونة، ولا عفونة فيه، ومن العرق، وعرقه طيب، ولا يلزم من التفلية وجود القمل، فقد يكون للتعليم، أو لتفتيش نحو: خرق فيه ليرقعه، أما لما علق به من نحو شوك ووسخ، وقيل: كان في ثوبه قمل، ولا يؤذيه، وإنما كان يفليه استقذارًا له، "ويحلب"، بضم اللام، "شاته، ويخدم" بضم الدال، "نفسه"، عطف عام على خاص، ونكتته الإشارة إلى أنه كان يخدم نفسه عمومًا وخصوصًا، "وهذا يتعيِّن حمله على" أنه كان يفعل ذلك في بعض "أوقات" لا دائمًا، "فإنه ثبت أنه كان له خدم، فتارة يكون بنفسه، وتارة بغيره، وتارة بالمشاركة" وفيه ندب خدمة الإنسان نفسه، وأنه لا يخل بمنصبه وإن جلَّ.
"وكان يركب الحمار" زاد ابن سعد في روايته عريًا ليس عليه شيء، وذلك مع ما فيه من غاية التواضع، إرشاد للعباد، وبيان أن ركوبه لا يخل بمروءة، ولا رفعة، بل ف غاية التواضع، وكسر النفس، "ويردف" بضم التحتية "خلفه" الذكر والأنثى، الصغار والكبار، "وركب يوم بني قريظة" وفي رواية لأبي الشيخ يوم خيبر، ويوم قريظة، والنضير "على حمار مخطوم" في أنفه "بحبل من ليف" زاد في رواية الشمائل: عليه أكاف من ليف، وهو برزعه لذوات الحوافر، بمنزلة السرج للفرس، وهذا نهاية التواضع، وأي تواضع، وقد ظهر له -صلى الله عليه وسلم- من النصرة عليهم، والضفر بأموالهم، ما هو معروف، "رواه الترمذي" من حديث أنس، "وعن قيس بن سعد" بن عبادة، "قال: زارنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم" على عادته في تفقد أصحابه، قيل: كان سعد دعاه رجل ليلًا، فخرج له، فضربه بسيفه، فعاده -صلى الله عليه وسلم، "فلما أراد الانصراف، قرَّب له سعد حمارا" ليركبه "وطأ" بشد المهملة، وهمزة، "عليه بقطيفة" كساء له خمل ووبر، وضعه على ظهر الحمار، "وركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ثم قال سعد" لابنه: "يا قيس, اصحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم" أي: كن معه في خدمته،