كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
قال قيس: فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اركب"، فأبيت، فقال: "إما أن تركب وإما أن تنصرف". وفي رواية أخرى: "اركب أمامي فصاحب الدابَّة أَوْلَى بمقدمها"، رواه أبو داود وغيره.
وفي البخاري من حديث أنس بن مالك: أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خيبر، وإني لرديف أبي طلحة وهو يسير، وبعض نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ إذ عثرت الناقة، فقلت: المرأة، فقال -صلى الله عليه وسلم: "إنها أمكم"، فشددت الرحل، وركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم. الحديث.
والمرأة: صفية، والردف والرديف: الراكب خلف الراكب بإذنه.
وقال معاذ بن جبل: بينا أنا رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس بيني وبينه إلا آخرة
__________
وفي ذا الحديث؛ أنه -صلى الله عليه وسلم- جاء على حمار، مردفًا أسامة خلفه، فسَعْدُ وهبه الحمار ليركبه وحده، ويبقى أسامة على الحمار الذي جاء به، "قال قيس: فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اركب"، فأبيت" أن أركب، تأدبًا معه لا مخالفة لأمره، "فقال: "أما أن تركب، وإما أن تنصرف" أي: ترجع ولا تمشي معي, أي: فوافقه على الركوب "وفي رواية أخرى: "اركب أمامي فصاحب الدابة أَوْلَى بمقدمها"؛ إذ هو أدرى بسيرها، وسماه صاحبًا، باعتبار ما كان، لأنَّه ابن مالكها سعد بن عبادة، لا ابن أبي وقاص، كما غلط من قاله، وعند ابن مندة: فأرسل ابنه معه ليرد الحمار، فقال: "احمله بين يدي"، قال: سبحان الله, أتحمله بين يديك؟، قال: "نعم، هو أحق بصدر حماره"، قال: هو لك يا رسول الله، قال: "أحمله إذن خلفي"، "رواه أبو داود وغيره" وفيه قصة طويلة.
"وفي البخاري من حديث أنس بن مالك، أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خيبر" بمعجمة، فتحتية، فموحدة، فراء آخره، ونسخة من حنين، تصحيف من الجهال، فالثابت في البخاري خيبر، "وإني لرديف أبي طلحة" زيد بن سهل الأنصاري، زوج أم أنس، "وهو يسير وبعض نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ إذ عثرت الناقة، فقلت" وقعت "المرأة" فنزلت، هذا أسقطه من الرواية، وفي رواية، نصب المرأة، أي: أوقعت الدابة المرأة، وفي أخرى، فقلت: بالفاء من الفلى، وهو الإخراج والفصل، ونزلت بلفظ المتكلم، "فقال -صلى الله عليه وسلم: "إنها أمكم" تذكيرًا لهم بوجوب تعظيمها، "فشددت الرحل، وركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم. الحديث" بقيته، فلما دنا ورأى المدينة، قال: "آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون"، "والمرأة صفية" بنت حيي أم المؤمنين، "والردف، والرديف، الراكب خلف الراكب بإذنه" قيد به، لأنه المتبادر؛ إذ من ركب بلا إذن، غاصب شرعًا، وإن كانت اللغة لا فرق بين الإذن وعدمه.
"وقال معاذ بن جبل: بينا أنا رديف النبي -صلى الله عليه وسلم, ليس بيني، وبينه إلا آخرة" بفتح