كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
لأبي اليمن بن عساكر بعد أن روى حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه....... قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الطواف, فانقطعت شسعه, فقلت: يا رسول الله, ناولني أصلحه، فقال: "هذه أثرة ولا أحب الأثرة".
والأثرة: بفتح الهمزة والثاء، الاسم من آثر يؤثر إذا أعطى، والأثرة: والاستئثار وهو الانفراد بالشيء. قال: وكأنه كره -صلى الله عليه وسلم- أن ينفرد أحد عنه بإصلاح نعله، فيحوز فضيلة الخدم, فيكون له بمثابة الخادم, ويكون له -صلى الله عليه وسلم- ترفع المخدوم على خادمه، كره ذلك -صلى الله عليه وسلم- لتواضعه وعدم ترفعه على من يصحبه.
ويؤيده ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يمتهن نفسه في شيء, فقالوا: نحن نكفيك يا رسول الله، قال: "قد علمت أنكم تكفوني, ولكن أكره أن أتميز عليكم, فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزًا بين أصحابه". انتهى.
ثم رأيت شيخنا في الأحاديث المشهورة حكى ذلك.
__________
"قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الطواف فانقطعت شِسْعه" بكسر المعجمة، وسكون المهملة: قبال نعله، "فقلت: يا رسول الله ناولني" بحذف المفعول الثاني، أي: ناولنيها "أصلحه" بضم الهمزة أي: الشسع، "فقال: "هذه" الحالة التي تفعلها عني "أثرة، ولا أحب الأثرة" والأثرة، بفتح الهمزة والثاء, الاسم من آثر يؤثر، إذا أعطي" وفي المصباح آثرته بالمد فضَّلته؛ واستأثر بالشيء استبدَّ به، والاسم الأثرة، مثال قصبة، "والأثرة والاستئثار، وهو الانفراد بالشيء، قال" أبو اليمن: "وكأنه كره -صلى الله عليه وسلم- أن ينفرد أحد عنه بإصلاح نعله، فيجوز" أن يحصل "فضيلة الخدم، فيكون له بمثابة الخادم، ويكون له -صلى الله عليه وسلم- ترفع المخدوم على خادمه", واستأنف مجيبًا لم كره هذا، فقال: "كره ذلك -صلى الله عليه وسلم- لتواضعه، وعدم ترفعه على من يصحبه، ويؤيده ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يمتهن" يستعمل "نفسه في شيء" يباشره بنفسه، "فقالوا: نحن نكفيك يا رسول الله، قال: "قد علمت أنكم تكفوني، ولكني أكره أن أتميز عليكم، فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزًا بين أصحابه". انتهى كلام أبي اليمن.
"ثم رأيت شيخنا" السخاوي في المقاصد الحسنة، "في الأحاديث المشهورة" على الألسنة، "حكى ذلك" فقال: حديث إن الله يكره العبد المتميز على أخيه لا أعرفه، ثم رأيت في جزء تمثال النعل الشريف، لأبي اليمن بن عساكر، في الكلام على الأثرة ما نصه، ويؤيده ما روي أنه أراد أن يمتهن، فذكره، فلا يعود اسم الإشارة على جميع ما نقله المصنف؛ إذ السخاوي إنما