كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

وعن أبي قتادة: وَفَدَ وَفْدُ النجاشي، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يخدمهم، فقال له أصحابه: نحن نكفيك، قال: "إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وأنا أحب أن أكافئهم"، ذكره في الشفاء.
وفي البخاري عن أنس: كان الرجل يجعل للنبي -صلى الله عليه وسلم- النخلات حتى افتتح قريظة والنضير، وإن أهلي أمروني أن آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله الذي كانوا أعطوه أو بعضه، وكان قد أعطاه أم أيمن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي تقول: كلّا والذي لا إله غيره لا نعطيكم وقد أعطانيها -أو كما قال, والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لك كذا"، وتقول كلا................
__________
نقل أخره، كما رأيت، "وعن أبي قتادة" الأنصاري السلمي -بفتحتين- الحارث، ويقال: عمرو أو النعمان بن ربيع -بكسر الراء، وسكون الموحدة، بعدها مهملة- شهد أحد وما بعدها، ولم يصح شهوده بدرًا، ومات سنة أربع وخمسين، وقيل: ثمان وثلاثين، والأول أصح، وأشهر، قال: "وفد" أي قدم: "وَفْد" بسكون الفاء، اسم جمع بمعنى وافدين "النجاشي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- يخدمهم" بنفسه، تواضعًا منه وإرشادًا لغيره، "فقال له أصحابه: نحن نكفيك" خدمتهم، أي: نقوم عنك بذلك، فأبى، و"قال: "أنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وأنا أحب أن أكافئهم" أي: أجازيهم على إكرامهم لأصحابنا، ولا إكرام أعظم من تعاطيه أمورهم بنفسه؛ "ذكره" عياض "في الشفاء" وأخرجه ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل، عن أبي قتادة المذكور.
"وفي البخاري عن أنس: كان الرجل" من الأنصار؛ "يجعل للنبي -صلى الله عليه وسلم- النخلات، حتى افتتح" أي: إلى أن افتتح "قريظة والنضير", وفي رواية الكشميهني حين بدل حتى، والأول أوجه، قال الحافظ: حاصله أن الأنصار كانوا واسوا المهاجرين بنخيلهم لينتفعوا بتمرها، فلما فتح الله النضير، ثم قريظة؛ قسم في المهاجرين من غنائمهم، فأكثر، وأمرهم برد ما كان للأنصار لاستغنائهم عنه، ولأنهم لم يكونوا ملكوهم رقاب ذلك، كما قال: "وإن أهلي أمروني أن آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله" بهمزة قطع مفتوحة، منصوب عطفًا على المنصوب السابق النخل، "الذي" رواية أبي ذر، والأصيلي، وابن عساكر، ولغيرهم الذين "كانوا أعطوه، أو بعضه؛ وكان قد أعطاه أم أيمن، فجاءت" فيه حذف يوضحه رواية مسلم، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأعطانيه، فجاءت "أم أيمن"، "فجعلت الثوب في عنقي، تقول: كلا والذي لا إله غيره، لا نعطيكم" أي: لا نمكنكم مما بيدي، وفي نسخة، لا أعطيكم، "وقد أعطانيها" الواو للحال، "أو كما قال" أنس: إشارة إلى شك وقع في اللفظ مع حصول المعنى، قال المصنف: "والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لك كذا"، وتقول: كلا،

الصفحة 50