كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

وأما حديث أم سلمة، فعند أبي نعيم في الدلائل.
والقصة واحدة، وما في ألفاظها مما ظاهره التغاير هو من الرواة. وعند التحقيق يرجع إلى معنى واحد، فلا نطيل بذكر ذلك, والله أعلم.
__________
"وأمَّا حديث أم سلمة، فعند أبي نعيم في الدلائل" النبوية، "والقصة واحدة، وما في ألفاظها مما هو ظاهره التغاير" الذي قد يأخذ منه من لا يعلم تعدد القصة، "هو من الرواة، وعند التحقيق" بالجمع بين المتغاير، "يرجع إلى معنى واحد، فلا نطيل بذكر ذلك" لأن غرضنا الاختصار، "والله أعلم", وقد قال بعض علماء الحديث: من جعل كل رواية غايرت الأخرى مرة على حدة، فقد أبعد وأغرب وهرب إلى غير مهرب.
سجود الجمل وشكواه إليه "صلى الله عليه وسلم":
وأما كلام الحيوانات وطاعتها له -صلى الله عليه وسلم.
فمنها: سجود الجمل وشكواه إليه -صلى الله عليه وسلم. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه، وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،..............
__________
سجود الجمل وشكواه إليه "صلى الله عليه وسلم":
"وأمَّا كلام الحيوانات" أي: جنسها لا جميعها؛ إذ لم يرد كلام جميعها له، وإن انقادت له، وفرق بين الكلام اللفظي والانقياد بمعنى علمها به، وفي حديث: "ما بين السماء والأرض شيء إلا ويعلم أني رسول الله، إلا عاصي الجن والإنس"، رواه البيهقي وغيره، "وطاعتها له -صلى الله عليه وسلم" عطفها على الكلام، إشارة إلى أن الانقياد يكون بلفظ وبدونه، وجعل المصنف القصد هنا نفس الكلام، والانقياد والأحاديث دالة على ذلك، وفيما سبق من قوله.
وأمَّا ما روى من طاعات الجمادات، وتكليمها له، بيان الأحاديث المروية في ذلك، ولعل نكتته زيادة على التفنن، الإشارة إلى أن القصد بهما واحد يحصل بكل من العبارتين.
"فمنها" أي: هذه المعجزة المعبَّر عنها بمجموع الكلام والطاعة، وإلّا فالظاهر منهما بالتثنية؛ لأن كل واحد معجز بانفراده، ولعلَّ وجه العدول للإفراد النظر للمعنى، وهو أن كل واحد من الجزئيات مقصود بالإخبار به، وأنه معجز، "سجود الجمل وشكواه إليه -صلى الله عليه وسلم" كثرة العمل وقلة علف.
"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه، كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون" يسقون عليه، "وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،" أي: الانتفاع به، كنَّى عن ذلك بالظهر؛ لأن الانتفاع بالإبل، بالجمل على ظهورها غالبًا، وأن الأنصار" أصحاب هذا

الصفحة 538