كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

قال النووي: وهو ظاهر فعله الذي واظب عليه مع مواظبته -صلى الله عليه وسلم- على قيام الليل، فينام مع إحداهن، فإذا أراد القيام لوظيفته قام فتركها، فيجمع بين وظيفته وأداء حقها المندوب وعشرتها بالمعروف.
وقد علم من هذا أن اجتماع الزوج مع زوجته في فراش واحد أفضل، لا سيما إن عرف من حالها حرصها على هذا، ولا يلزم من نومه معها الجماع والله أعلم.
وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يسرب إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها. رواه الشيخان.
وإذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه على موضع فمها وشرب. رواه مسلم.
وإذا تعرقت عرقًا -وهو العظم الذي عليه اللحم- أخذه فوضع فمه على موضع فمها.................
__________
والمراد مع الواحدة منهن، ولو كانت حائضًا، كما في حديث ميمونة عن البخاري، "قال النووي: وهو ظاهر فعله الذي واظب عليه" فيه إشعار؛ بأنَّه قد يعرض له غير هذه الحالة لعذر، "مع مواظبته -صلى الله عليه وسلم- على قيام الليل، فينام مع إحداهن" التي هي صاحبة النوبة، "فإذا أراد القيام لوظيفته, قام فتركها" راقدة في الفراش, "فيجمع بين وظيفته" من قيام الليل, "وأداء حقها المندوب، وعشرتها بالمعروف" إذ هو خير من امتثل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] الآية، "وقد علم من هذا أن اجتماع الزوج مع زوجته في فراش واحد أفضل" من النوم كل في فراش، فتركه مكروه، لا حرام؛ إذ القصد الإنس، لا الجماع ونحوه، "لا سيما إن عرف من حالها، حرصها على هذا" فيتأكد الاستحباب، "ولا يلزم من نومه معها الجماع" فلا يؤخذ منه ندبه كل ليلة، "والله أعلم".
"وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يسرّب" من التسريب، بالمهملة، وهو الإرسال والتسريح، أي: يرسل "إلى عائشة بنات الأنصار" واحدة بعد أخرى، "يلعبن معها"؛ لأنها كانت صغيرة، "رواه الشيخان، وإذا شربت" عائشة "من الإناء، أخذه، فوضع فمه على موضع فمها وشرب" إشارة إلى مزيد حبه لها، "رواه مسلم. وإذا تعرقت عرقًا" بفتح العين المهملة، وإسكان الراء، "وهو العظم الذي عليه اللحم، أخذه، فوضع فمه على موضع فمها" قال في النهاية: العرق، بالفتح، والسكون: العظم إذ أخذ عنه معظم اللحم، وعرقت اللحم وأعرقته إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك، وفي المصباح: عرقت العظم عرقًا من باب قتل، أكلت ما عليه من اللحم، فجعله

الصفحة 56