كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
وهو عند البخاري بلفظ: كان -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة, ويقول: "غارت أمكم" , ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت.
وعند أحمد وأبو داود والنسائي، قالت عائشة: ما رأيت صانعة طعامًا مثل
__________
"وهو" أي: حديث أنس "عند البخاري" في المظالم، والأطعمة، "بلفظ كان -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه" هي عائشة، كما في الترمذي وغيره، ولا خلاف في ذلك، "فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين" صفية، رواه أبو داود والنسائي، من حديث عائشة، أو حفصة، رواه الدارقطني من حديث أنس، وابن ماجه عن عائشة، أو أم سلمة.
رواه الطبراني في الأوسط عن أنس، وإسناده أصح من إسناد الدارقطني، وساقه بسند صحيح، وهو أصح ما ورد في ذلك، ويحتمل التعدد, وحكى ابن حزم في المحلَّى أن المرسلة زينب بنت جحش، ذكره الحافظ, وتبعه المصنف في جزم السيوطي بالأخير، شيء "بصحفة" لفظ البخاري في الأطعمة, ولفظه في المظالم بقصعة، بفتح القاف "فيها طعام" أي: حيس، كما في المحلَّى لابن حزم، وتأتي رواية يلتقط اللحم، فيحتمل أن اتحدت القصة، أنه كان فوق الحيس، قال الشاعر:
التمر والسمن جميعًا والأقط ... الحيس إلّا أنه لم يختلط
مع خادم، "فضربت التي النبي" صلى الله عليه وسلم "في بيتها" هي عائشة على جميع الأقوال، "يد الخادم" لم يسم، قاله الحافظ، "فسقطت الصحفة، فانفلقت، جمع -صلى الله عليه وسلم- فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام، الذي كان في الصحفة، ويقول" مبديا لعذرها: "غارت أمكم" عائشة، "ثم حبس الخادم" منعه من العود إلى سيدته التي أرسلته، "حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة" التي، لا كسر فيها "إلى" الخادم ليوصلها إلى "التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت" عقابًا لها، فإن قيل: القصعة متقوّمة، فكيف ضمنها بالمثل، لا بالقيمة، أجاب البيهقي؛ بأن القصعتين كانتا للنبي -صلى الله عليه وسلم- في بيت زوجيته. فعاقب الكاسرة بجعل المكسورة في بيتها، وجعل الصحيحة في بيت صاحبتها، ولم يكن هناك تضمين.
"وعند أحمد، وأبي داود، والنسائي، قالت عائشة: ما رأيت صانعة طعامًا" حسنًا، "مثل