كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
والخزيرة: اللحم يقطع صغارًا ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق.
وبالجملة؛ فمن تأمَّل سيرته -عليه الصلاة والسلام- مع أهله وأصحابه وغيرهم من الفقراء والأيتام والأرامل والأضياف والمساكين، علم أنه قد بلغ من رقة القلب ولينه الغاية التي لا مرمى وراءها لمخلوق. وإن كان يشتد في حدود الله وحقوقه ودينه، حتى قطع يد السارق، إلى غير ذلك.
وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يباسط أصحابه بما يولج حبه في القلوب، كان له رجل من البادية يسمى زهيرًا، وكان يهادي النبي -صلى الله عليه وسلم- بموجود البادية، بما يستطرف منها، وكان -صلى الله عليه وسلم- يهاديه ويكافئه بموجود الحاضرة وبما يستطرف منها،..................................
__________
عليه الدقيق،" ويأتي فيه للمصنف كلام طويل في الأكل النبوي، "وبالجملة، فمن تأمَّل سيرته -عليه الصلاة والسلام- مع أهله، وأصحابه، وغيرهم من الفقراء، والأيتام، والأرامل والأضياف، والمساكين، عَلِمَ أنه قد بلغ من رقة القلب ولينه، الغاية التي لا مرمى وراءها لمخلوق" أي: لا يصل أحد بعده إليها، "وإن كان يشتد في حدود الله، وحقوقه، ودينه، حتى قطع يد السارق إلى غير ذلك" كحد الزاني، "وقد" للتحقيق, "كان -صلى الله عليه وسلم- يباسط" يلاطف "أصحابه" بالقول والفعل، "بما يولج" يدخل "حبه في القلوب" تطمينًا لهم، وتقوية لإيمانهم، وتعليمًا لهم أن يباسطوا بعضهم بعضًا؛ لأنهم إذا رأوا ذلك من أكمل الخلق، وأفضلهم، وقد علموا قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] الآية، اطمأنَّت قلوبهم على فعل ذلك مع بعضهم.
"كان له رجل من البادية يسمى زهيرًا" الذي في الشمائل، وغيرها زاهرًا، وكذا بخط ابن الجوزي، والشامي، وفي الإصابة زاهر بن حرام الأشجعي، قال ابن عبد البر: شهد بدرًا، ولم يوافق عليه، وقيل: إنه تصحف عليه؛ لأنه وصف بكونه بدويًّا حرام والده، يقال: بالفتح، والراء، ويقال: بالكسر والزاي، ووقع في رواية عبد الرزاق بالشك، انتهى.
فإن صحَّت رواية بتصغيره، أمكن أنه خوطب تحببًا، وملاطفة، واسمه الأصلي زاهر، وفي رواية أحمد، وغيره، وتصغيره على أزيهر، "وكان يهادي النبي -صلى الله عليه وسلم" أي: يهدي، فالمفاعلة مستعملة في أصل الفعل، لأنه علق مهاداته "بموجود البادية"، أي: ما يوجد حسنًا، من ثمارها، وزهورها، "بما يستطرف" بالطاء المهملة، يستملح "منها" بدل مما قبله؛ لأن موجودها حسن، وغيره، "وكان -صلى الله عليه وسلم- يهاديه، ويكافئه" عطف علة على معلول، أي: يهاديه مكافأة له على هديته، "بموجود الحاضرة، وبما يستطرف منها" كذا في نسخ، بواو عطف التفسير، وفي نسخة بلا واو