كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
العبد"، فقال له زهير: يا رسول الله، إذن تجدني كاسدًا، فقال له -صلى الله عليه وسلم: "أنت عند الله غالٍ"، وفي رواية الترمذي أيضًا: "لكن عند الله لست بكاسد، أو قال: أنت عند الله غال".
وأخرج أبو يعلى عن زيد بن أسلم أن رجلًا كان يهدي للنبي -صلى الله عليه وسلم- العكة من السمن والعسل، فإذا جاء صاحبه يتقاضاه جاء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم, فقال: أعط هذا متاعه، فما يزيد النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن يتبسم، ويأمر به فيعطى.
ووقع في حديث محمد بن عمرو بن حزم: وكان لا يدخل إلى المدينة طرفة إلا...........
__________
"من يشتري العبد" أي: من يشتري مثله في الدمامة، أو يستبدله مني؛ بأن يأتي بمثله، فلما فعل ذلك معه ملاطفة، نزله منزلة العبد، أو من يقابل هذا العبد، الذي هو عبد الله بالإكرام، والتعظيم، أو أراد التعريض له؛ بأنه ينبغي أن يشتري نفسه من الله، ببذلها فيما يرضيه، وفيها تكلف.
"فقال له زهير: يا رسول الله إذن" أي: إذا بعتني "تجدني كاسدًا" رخيصًا، لا يرغب فيَّ أحد لدمامتي، وقبح منظري، فأذن جواب شرط محذوف، ويجوز أن أذن للظرفية، والتنوين عوض عن الجملة المحذوفة، أي: إذا كنت عبدًا تبيعني، لكن هذا قليل، فلذا اقتصر الشراح على ما قبله، "فقال له -صلى الله عليه وسلم: "أنت عند الله غال" بغين معجمة، رفيع القدر عنده، وإن كسد في الدنيا لقبح منظره، ومن أول قوله، فقال له زهير: أتى به من الرواية الأولى التي لم يعزها، ثم عاد لرواية الشمائل، فقال: "وفي رواية الترمذي أيضًا" بقية الرواية السابقة، فقال: يا رسول الله إذن، والله تجدني كاسدًا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لكن عند الله لست بكاسد، أو" شك من الراوي، "قال: "أنت عند الله غال" ببركة محبته -صلى الله عليه وسلم، فالصورة، لا يلتفت إليها؛ "إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" "وأخرج أبو يعلى عن زيد بن أسلم" العدوي، مولى عمر المدني، ثقة، عالم، من رجال الجميع، كان يرسل "أن رجلًا" هو عبد الله، الملقَّب بحمار، بلفظ الحيوان المعروف، كما في الإصابة عن أبي يعلى نفسه، "كان يهدي للنبي -صلى الله عليه وسلم- العكة من السمن" تارة، "والعسل" أخرى، ويحتمل أنهما مخلوطين، كما هو شأن العرب كثيرًا، "فإذا جاء صاحبه يتقاضاه" أي: يطلبه، "جاء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أعط هذا متاعه" أي: ثمنه، كما في الرواية اللاحقة، "فما يزيد النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن يتبسم" تعجبًا، "ويأمر به، فيعطى" لثمن.
"ووقع في حديث محمد بن عمرو بن حزم" الأنصاري، المدني له رؤية، وليس له سماع إلّا من الصحابة، قتل يوم الحرة، سنة ثلاث وستين، "وكان لا يدخل إلى المدينة طرفة إلا