كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

وهي عجوز فقال لها: "إن الجنة لا يدخلها عجوز"، فلما جزعت فقال لها: "إنك تعودين إلى صورة الشباب في الجنة"، وفي رواية الترمذي عن الحسن. أتته -صلى الله عليه وسلم- عجوز فقالت: يا رسول الله، ادع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال: "يا أم فلان, إن الجنة لا يدخلها عجوز"، قال: فولت تبكي فقال: "أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} [الواقعة: 35، 36] " وذكره رزين.
__________
صفية" بنت عبد المطلب، أم الزبير، مما نقله صاحب المورد عن خط بعض المحدثين.
وقال غيره: إنه سمعه من مشايخ الحديث، وتوقَّف فيه بعضهم، فقال: الله أعلم بصحته، ففي حديث عائشة عند البيهقي، أتت خالتي، "وهي عجوز" وصفية ليست خالة عائشة, قلت: إن صح ما قالوه، فسمتها خالتها إكرامًا وتعظيمًا لسنها، على العادة في تسمية المسنَّة خالة، لا لكونها أخت أمها حقيقة, "فقال لها: "إن الجنة لا يدخلها عجوز" فلما جزعت" بكسر الزاي، "قال لها: "إنك تعودين إلى صورة الشباب في الجنة" فلا تجزعي، فإنما هذا مباسطة، وهي حق، "وفي رواية الترمذي عن الحسن" أي: البصري؛ لأنه المراد عند الإطلاق، وبه صرح شراح الشمايل، ولم يقع في متنها نعته بالبصري، حتى ظنَّ بعض من كتب عليها؛ أنه ابن علي، وليس، كما ظن.
"أتته -صلى الله عليه وسلم- عجوز، فقالت: يا رسول الله, ادع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال: "يا أم فلان" نسي الراوي اسمها، وما أضيف إليه، فكنَّى عنه بما يكنَّى به الأعلام، "إن الجنة لا يدخلها عجوز" كأنه فهم من حالها، إنها تريد دخولها على صفتها، حالة السؤال، فمازحها مريدًا إرشادها إلى خلاف ما في وهمها، الذي لا يطابق ما سيقع، "قال: فولت" ذهبت أو أعرضت "تبكي" حال من فاعل ولت، أي: ذهبت حال كونها باكية، فقال: "أخبروها" أعلموها "أنها لا تدخلها" جملة سدت مسد ثاني وثالث مفعول أخبر، وضمير لا تدخلها، وما بعد أما إليها، أو إلى العجوز المطلقة، والأول أقرب، "وهي عجوز" مسنة، ولا تؤنث بالهاء، قاله ابن السكيت، وقال ابن الأنباري: سمع تأنيثه، أي: لا تدخلها، والحا أنها موصوفة بهذه الصفة، واستشهد على ذلك تطييبًا لخاطرها، فقال: "إن الله تعالى يقول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ} [الواقعة: 35] الآية" أي: النسوة، أي: أعدنا إنشاءهن {إِنْشَاءً} خاصًّا، وخلقناهن خلقًا غير خلقهن، وتفسير الآية بالجور، وإن كان مقتضى سياق القرآن يرده هذا الحديث, {فَجَعَلْنَاهُنَّ} بعد كونهن عجائز شمطاء مصافي الدنيا، {أَبْكَارًا} عذارى، وإن وطئت كثيرًا، فكلما أتاها الرجل وجدها بكرًا، كما ورد في الأثر، ولكن لا دلالة للفظ عليه، "وذكره رزين" بن معاوية، العبدري،

الصفحة 67