كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
وقف بين يديه محمود بن الربيع، وهو صغير ابن خمس سنين، فمج -عليه الصلاة والسلام- في وجهه مجَّة من ماء من دلو يمازحه بها، فكان في ذلك من البركة أنه لما كبر لم يبق في ذهنه من ذكر رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا تلك المجة، فعد بها من الصحابة, وحديثه مذكور في البخاري من طريق الزهري عنه.
ودخلت عليه ربيبته زينب بنت أم سلمة وهو في مغتسله، فنضح الماء في وجهها، فكان في ذلك من البركة في وجهها أنه لم يتغير، فكان ماء الشباب ثابتًا في وجهها ظاهرًا في رونقها وهي..............
__________
أرادوا إيقاع صلح، أو عهد بينهم، يقف أحد المتصالحين تجاه الآخر، وفي يد كل منهما قوس يمده إلى صاحبه، بحيث يتلاقيان، "ووقف بين يديه محمود بن الربيع"، بن سراقة بن عمرو بن زيد الأنصاري الخزرجي، وزيادة ابن عبد البر من بني عبد الأشهل، ذهول؛ لأنهم من الأوس، وهذا من الخزرج، قيل: من بني الحارث بن الخزرج، وقيل: من بني سالم بن عوف، "وهو صغير ابن خمس سنين" كما في البخاري عنه، قال في الفتح: وذكر عياض في الألماع وغيره: إن في بعض الروايات أنه كان ابن أربع، ولم أقف على هذا صريحًا في شيء من الروايات بعد التتبع التام، إلّا إن كان ذلك مأخوذًا من قول صاحب الاستيعاب، أنه عقل المجة، وهو ابن أربع، أو خمس، وكان الحامل له التردد، قول الواقدي أنه مات ابن ثلاث وتسعين، والأول أولى بالاعتماد لصحة سنده، على أن قول الواقدي: يمكن حمله إن صح على أنه ألقي الكسر، وجبره غيره، وقال في الإصابة: أكثر روايته عن الصحابة، وأمه جميلة بنت أبي صعصعة، ومات سنة تسع وتسعين، وكأنه مأخوذ من رواية الطبراني عنه، توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن خمس سنين.
"فمجَّ -عليه الصلاة والسلام- في وجهه مجة من ماء" من بئر "من دلو" في رداهم "يمازحه بها، فكان في ذلك" المجّ "من البركة، أنه لما كبر لم يبق في ذهنه من ذكر رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- إلّا تلك المجة، فعدّ بها" بسبب تذكرها، وروايتها "من الصحابة" الراوين عن النبي -صلى الله عليه وسلم، لا من الصحابة الذين رأوه، بلا رواية، "وحديثه مذكور" أي: مروي "في البخاري، من طريق الزهري، عنه" إلّا: عقلت من النبي -صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين من دلو، "ودخلت عليه ربيبته زينب بنت أم سلمة" من أبي سلمة بن عبد الأسد، المخزومية، حفظت عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وروت عنه، وعن أزواجه، أمها وعائشة، وأم حبيبة، وغيرهن، وعنها جماعة، وكانت فقيهة عالمة، "وهو في مغتسلة، فنضح الماء في وجهها، فكان" حصل "في ذلك من البركة في وجهها، أنه لم يتغيّر، فكان ماء الشباب ثابتًا في وجهها، ظاهرًا في