كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

بيوتكم. الحديث.
وقوله: عافسنا: بالعين المهملة وبعد الألف فاء فسين مهملة ساكنة -أي: عالجنا أهلنا ولاعبناهم.
ومن تواضعه -صلى الله عليه وسلم- أنه ما عاب ذواقًا قط، ولا عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه رواه الشيخان.
__________
بيوتكم" لفظ أحمد، والترمذي: "لصافحتكم الملائكة بأكفهم، ولزارتكم في بيوتكم" , قال بعض العلماء: معناه، لو أنكم في معاشكم، وأحوالكم، كحالتكم عندي، لأظلتكم الملائكة، لأن حال كونكم عندي حال مواجيد، والذي يجدونه معه خلاف المعهود، إذا رأوا الأموال والأولاد، ومعه يرون سلطان الحق، ويشاهدونه، وترق أنفسهم لزوال سلطان الشهوة، ولم تصافحهم عنده؛ لأنها لم تكن حالتهم، بل حالة الحق، ولو كان ما يجدونه عنده حالهم، لكانت حالة ثابتة لهم هبة من الله، والله لا يرجع في هبة، ولا يسلب كرامته إلّا بالتقصير في واجباته، "الحديث" بقيته، "ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون، كي يغفر لهم"، وأخرجه أبو يعلى والبزار، برجال ثقات من حديث أنس بلفظ: "لو أنكم إذا خرجتم من عندي، تكونون على الحال الذي تكونون عليها، لصافحتكم الملائكة بطرق المدينة"، وأخرج مسلم، والترمذي، وابن ماجه، والإمام أحمد، عن حنظلة الأسيدي، أنه سأل نحو سؤال أبي هريرة، فقال -صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لو كنتم تكونون في بيوتكم، على الحالة التي تكونون عليها عندي، لصافحتكم الملائكة، ولأظلتكم بأجنحتها، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة" , وقوله: "عافسنا، بالعين المهملة، وبعد الألف فاء، فسين مهملة ساكنة، أي: يعالجنا أهلنا ولاعبناهم" نحوه قول النهاية المعافسة، المعالجة، الممارسة، والملاعبة، "ومن تواضعه -صلى الله عليه وسلم- أنه ما عاب ذواقًا" أي مذوقًا "قط", من إطلاق المصدر على اسم المفعول، قال في الدرر: الذواق المأكول والمشروب، فعال بمعنى مفعول من الذوق، "ولا عاب طعامًا قط" سواء كان من صنع الآدمي أم لا، فلا يقول مالح نيء، ونحو ذلك، "إن اشتهاه أكله، وإلّا تركه" واعتذر بأنه لم يكن بأرض قومه، كالضب، وهذا، كما قال ابن بطال من حسن الأدب، لأن المرء قد لا يشتهي الشيء ويشتهيه غيره، وكل مأذون فيه من جهة الشرع لا عيب فيه. انتهى.
ثم هو بمعنى ما قبله، ففي المصباح: الطعام يقع على كل ما يساغ حتى الماء، وذوق الشيء، "رواه الشيخان" البخاري في الصفة النبوية، والأطعمة، ومسلم في الأطعمة من حديث أبي هريرة، قال: ما عاب النبي -صلى الله عليه وسلم- طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه، وفي رواية وإلا

الصفحة 78