كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

قال: فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابًا. الحديث رواه البخاري.
لكن في حديث أبي موسى الأشعري: أنه كان بوابًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- لما جلس على القف.
وجمع بينهما: بأنه كان -عليه الصلاة والسلام- إذا لم يكن في شغل من أهله ولا انفراد من أمره أنه كان يرفع حجابه بينه وبين الناس ويبرز لطالب الحاجة إليه.
__________
أصابها، لما عرفت أنه رسول الله، "قال: فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابًا"، بالإفراد عند البخاري في الأحكام، وله في الجنائز: فلم تجد عنده بوابين -بالجمع، وفائدة هذه الجملة: إنه لما قيل لها إنه لرسول الله، استشعرت خوفًا وهيبة في نفسها، فتصورت أنه كالملوك له حاجب وبواب، يمنع الناس من الوصول إليه، فوجدت الأمر بخلاف ما تصورته، كذا قال الطيب: "الحديث" بقيته، فقالت: لم أعرفك، فقال: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى".
"رواه البخاري" في الجنائز والأحكام، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في الجنائز، وهو صريح، في أنه لم يكن له بواب، "لكن في حديث أبي موسى الأشعري؛ أنه كان بوابًا للنبي -صلى الله عليه وسلم، لما جلس على القف" بضم القاف، وبالفاء: الدكة تجعل حول البئر، أو حافة البئر، روى البخاري، ومسلم أن أبا موسى توضأ في بيته، ثم خرج، فقلت: لألزمنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولأكوننَّ معه يومي هذا، فجاء المسجد فسأل عنه، فقالوا: خرج ووجه ههنا، فخرجت أثره أسأل عنه، حتى وجدته دخل بئر أريس، فجعلت عند الباب، وبابها من جريد، حتى قضى -صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس، وتوسَّط قفها، وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، فسلَّمت عليه، ثم انصرفت، فجلس عند الباب، فقلت: لأكونن بوَّاب رسول الله اليوم، زاد البخاري في الأدب: ولم يأمرني الحديث في مجيء أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، واستئذانه لهم، وقوله -عليه السلام- في كلٍّ: "افتح له وبَشِّره بالجنة"، وفي رواية أبي عوانة، فقال لي: "أملك على الباب، فلا يدخل علي أحد" وجمع النووي باحتمال أنه أمره بحفظ الباب، حتى يقضي حاجته ويتوضأ، لأنها حالة تستر، ثم حفظه أبو موسى من تلقاء نفسه، وادَّعى الشارح أن عبارة المصنف تشعر بأنه اتخذه بوابًا، وهو خلاف الحديث, إلّا أن يكون لما أقره نسب إليه، وليت شعري من أين الإشعار مع أن لفظه أنه كان بوابًا، ولم يقل اتخذه بوابًا, إلا أن ادعى أن الإشعار من الجمع المذكور بقوله: "وجمع بينهما؛ بأنه كان -عليه الصلاة والسلام- إذا لم يكن في شغل من أهله، ولا انفراد من أمره، أنه" الأولى، حذفها وكأنه أتى بها مذكرة للسابقة، "كان يرفع حجابه بينه وبين الناس، ويبرز لطالب الحاجة إليه" أي:

الصفحة 85