كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

وفي حديث عمر -رضي الله عنه- حين استأذن له الأسود في قصة حلفه -صلى الله عليه وسلم- أن لا يدخل على نسائه شهرًا، ففيه: أنه كان في وقت خلوته يتَّخذ البواب، ولولا ذلك لاستأذن عمر بنفسه ولم يحتج إلى قوله: يا رباح استأذن لي. ولكن يحتمل أن يكون سبب استئذان عمر أنه خشي أن يكون وجد عليه بسبب ابنته، فأراد أن يختبر ذلك باستئذائه عليه، فلما أذن له اطمأن.
وقد اختلف في مشروعية الحجاب للحاكم.
فقال الشافعي وجماعة: ينبغي للحاكم أن لا يتخذ حاجبًا.
وذهب آخرون إلى جوازه.
وحمل الأوّل على زمن سكون الناس واجتماعهم على الخير وطواعيتهم للحاكم، وقال آخرون: بل يستحبّ ذلك ليرتب الخصوم ويمنع المستطيل، ويدفع الشرير، والله تعالى أعلم.
__________
وإذا اشتغل بأمر نفسه اتخذ بوابًا.
"وفي حديث عمر -رضي الله عنه، حين استأذن له" العبد "الأسود" رباح، الآتي "في قصة حلفه -صلى الله عليه وسلم- أن لا يدخل على نسائه شهرًا، ففيه أنَّه كان في وقت خلوته" وهو يتَّخذ البواب وقتها، "ولولا ذلك لاستأذن عمر بنفسه، ولم يحتج إلى قوله: يا رباح استأذن لي، ولكن"، لا دليل فيه، إذ "يحتمل أن يكون سبب استئذان عمر أنه خشي أن يكون" المصطفى "وجد" غضب "عليه، بسبب ابنته" حفصة أم المومنين؛ إذ كانت من جملة سبب الحلف، كما تقدَّم في القصة "فأراد أن يختبر ذلك باستئذانه عليه، فلمّا أذن له اطمأنَّ" سكن ودخل عليه، "وقد اختلف في مشروعية الحجَّاب للحاكم، فقال الشافعي، وجماعة: ينبغي للحاكم أن لا يتخذ حاجبًا" لأنه المعروف من حال المصطفى، وقد روى أحمد في الزهد، وغيره، عن الحسن: والله ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تغلق دونه الأبواب، ولا تقوم دونه الحُجَّاب، ولا يغدي عليه بالجفان، ولا يراح بها عليه، ولكنه كان بارزًا, من أراد أن يلقى نبي الله لقيه، كان يجلس على الأرض ويطعم الطعام بالأرض، ويلبس الغليظ، ويركب الحمار، ويردف خلفه، ويلعق يده، "وذهب آخرون إلى جوازه، وحمل الأول على زمن سكون الناس، واجتماعهم على الخير، وطواعتهم للحاكم، وقال آخرون: بل يستحب ذلك ليرتب الخصوم، ويمنع المستطيل ويدفع الشرير، والله تعالى أعلم" بالحق من ذلك.

الصفحة 86