كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

في خدرها لا حيث تكون منفردة فيه.
والحياء -بالمد- وهو من الحياة، ومنه: الحيا للمطر، لكن هو مقصور، وعلى حسب حياة القلب تكون فيه قوة خلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح، وكلما كان القلب حيًّا كان الحياء أتم.
وهو في اللغة: تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به، وقد يطلق على مجرَّد ترك الشيء بسبب. والترك إنما هو من لوازمه.
وفي الشرع: خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير من حق ذي الحق.
__________
إلخ....، أو المفعول، أي: دخل أحد، ولو امرأة "في خدرها" فحينئذ يشتد حياؤها، "لا حيث تكون منفردة فيه" فقد لا يحصل لها حياء، أو لا يشتد لعدم مقتضيه.
زاد الحافظ: ومحل وجود الحياء منه -صلى الله عليه وسلم- في غير حدود الله، ولهذا قال للذي اعترف بالزنا: "أنكتها لا يكنى"، كما في الصحيح في كتاب الحدود، وأخرج البزار هذا الحديث، عن أنس، وزاد في آخره، وكان يقول الحياء خير كله، وأخرج عن ابن عباس: كان -صلى الله عليه وسلم- يغتسل من وراء الحجرات، وما رأى أحد عورته قط، وإسناده حسن. انتهى.
وروى أحمد، وأبو داود والبخاري في الأدب المفرد، والنسائي، والترمذي في الشمائل، عن أنس: كان -صلى الله عليه وسلم- لا يواجه أحد في وجهه بشيء يكرهه، فدخل عليه يومًا رجل وعليه أثر صفرة، فلما قام قال لأصحابه: لو غير، أو نزع هذه الصفة، وفي رواية: لو أمرتم هذا أن يغسل هذه الصفرة، "والحياء، بالمد" مبتدأ وخبر، "وهو" مأخوذ "من الحياة"؛ لأنه ينشأ عن تمييز الحسن من القبيح، ومنشأ ذلك وجود الحياة التي هي صفة تصبر ذا الروح حيًّا، "ومنه" أي: المعنى المأخوذ منه الحياء الممدود، "الحيا للمطر، لكن هو مقصور" على المشور، ويمد كما في القاموس، "وعلى حسب حياة القلب" يقظته، ومعرفته، لما يضره وينفعه في الدارين، "تكون فيه قوة خلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح" أي: فقد صفاتها المقتضية للكمال لا الجسم اللطيف، "وكلما كان القلب حيًّا كان الحياء أتمّ" ولذا كان تمام الحياء في المصطفى؛ إذ لا قلب أحيى من قلبه، "وهو في اللغة تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به، وقد يطلق على مجرد ترك الشيء بسبب، والترك إنما هو من لوازمه" فتسميته حياء مجاز من تسمية اللازم باسم ملزومه، "وفي الشرع: خلق يبعث" يحمل من قام به "على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق" وهو الله تعالى في حق عباده، والصديق في حق صديقه، والسيد في حق عبده, إلى غير ذلك، ولذا جاء في الحديث: "الحياء من الإيمان، والحياء

الصفحة 88