كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

يسكت، والخوف يقلق.
وقال يحيى بن معاذ: من استحى من الله مطيعًا استحى الله منه وهو مذنب، وهذا الكلام يحتاج إلى شرح, ومعناه: إن من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فقلبه مطرق بين يديه إطراق مستحي خجل، فإنه إذا وقع منه ذنب استحى الله من نظره إليه في تلك الحالة لكرامته عليه، فيستحي أن يرى من وليه لما يشينه عنده. وفي الشاهد شاهد لذلك، فإن الرجل إذا اطلع على أخص الناس به وأحبهم إليه وأقربهم منه، من صاحب أو ولد أو من يحبه، وهو يخونه، فإنه يلحقه من ذلك الاطلاع عليه حياءً عجيب حتى كأنه هو الجاني, وهذا غاية الكرم.
وللحياء أقسام ثمانية يطول استقصاؤها.
منها: حياء الكرم، كحيائه -صلى الله عليه وسلم- من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب، وطولوا عنده المقام، واستحيا أن..................
__________
يزعجه مخافة أن يصيبه ما يخاف منه، "وقال يحيى بن معاذ" الرازي، أحد الأولياء الكبار المشهورين، الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر، المتوفَّى بنيسابور، سنة ثمان وخمسين ومائتين، "من استحى من الله مطيعًا استحى الله منه وهو مذنب" أي: عامله معاملة المستحي منه إذًا لتغير إلخ ...
محال على الله، "وهذا الكلام يحتاج إلى شرح، ومعناه: إن من غلب عليه خلق الحياء من الله، حتى في حال طاعته" إذ لا يقدر على الإتيان بها، كما أمر، "فقلبه مطرق" ساكن في مقام الخوف، "بين يديه إطراق مستحي خجل، فإنه إذا وقع منه ذنب استحى الله من نظره إليه" أي: ترك نظره إليه نظر انتقام "في تلك الحالة لكرامته عليه، فيستحي أن يرى من وليه" رؤية غضب وعقاب، "ما يشينه" بفتح أوله، وكسر الشين، يعيبه، "عنده، وفي الشاهد" أي: المشاهد المرئي، "شاهد" دليل "لذلك" ظاهر، "فإن الرجل إذا اطَّلع على أخصّ الناس به، وأحبهم إليه، وأقربهم منه، من صاحب، أو ولد، أو من يحبه، وهو يخونه فإنه يلحقه" أي: المطلع "من ذلك الاطلاع حياء عجيب، حتى كأنه هو الجاني، وهذا غاية الكرم" أي: النفاسة والعزة فيمن قام، يقال: كرم الشيء كرمًا نفس وعزَّ، فهو كريم، والجمع كرام، وكرماء، كما في المصباح، "وللحياء أقسام ثمانية، يطول استقصاؤها".
"منها حياء الكرم، كحيائه -صلى الله عليه وسلم- من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب" بنت جحش لما تزوجها، وكانت خبزًا ولحمًا، أشبع المسلمين، "وطولوا عنده المقام" بعد الأكل، "واستحيا

الصفحة 90