كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

على فرس لأبي طلحة عري والسيف في عنقه وهو يقول: لن تراعوا.
وفي رواية: كان فزع بالمدينة فاستعار النبي -صلى الله عليه وسلم- فرسًا من أبي طلحة يقال له المندوب، فركبه -عليه الصلاة والسلام, فلما رجع قال: "ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرًا، أو إنه لبحر". قال: وكان فرسًا يبطؤ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
وللبخاري: إن أهل المدينة فزعوا مرة، فركب -صلى الله عليه وسلم- فرسًا لأبي طلحة كان يقطف،..................
__________
قال في الأساس: استبرأت الشيء، طلبت آخره لأقطع الشبهة عني، "على فرس لأبي طلحة" زيد بن سهل، زوج أم أنس، استعاره منه،"عري" بضم المهملة، وسكون الراء، ليس عليه سرج، ولا أداة، ولا يقال في الآدميين، إنما يقال: عريان "والسيف في عنقه" أي: حمائله معلقة في عنقه الشريف، متقلدًا به، وهذا هو السنة في حمل السيف، كما قاله ابن الجوزي: لأشده في وسطه، كما هو العرف الآن، "وهو يقول لن تراعوا" لن هنا، بمعنى لم، بدليل الرواية الآتية، والمراد نفي سبب الروع، أي: الخوف، أي: ليس هناك شيء تخافونه، وهذا أخرجه البخاري في باب مدح الشجاعة في الحرب من كتاب الجهاد، وفي الأدب ومسلم في فضائل النبي -صلى الله عليه وسلم- واللفظ له، "وفي رواية" عن أنس: "كان فزع" بفتح الفاء، والزاي، أي خوف من عدو "بالمدينة، فاستعار النبي -صلى الله عليه وسلم- فرسًا من أبي طلحة، يقال له المندوب، قيل: سمي بذلك من الندب وهو الرهن عند السباق، وقيل: لندب كان في جسمه، وهو أثر الجح، وقال عياض: يحتمل أنه لقب أو اسم لغير معنى كسائر الأسماء.
"فركبه -عليه الصلاة والسلام، فلمَّا رجع قال: "ما رأينا من شيء" يوجب الفزع، "وإن وجدناه" أي: الفرس "لبحرًا" أي: واسع الجري، ومنه سمي البحر بحرًا لسعته، وتبحَّر فلان في العلم إذا اتسع فيه، وقيل: شبهه بالبحر، لأن جريه لا ينفذ، كما لا ينفذ ماء البحر، "أو أنه لبحر" بالشك، وفي رواية المستملي، وإن وجدنا بحذف الضمير.
قال الخطابي: إن هي النافية، واللام في لبحرًا، بمعنى إلّا، أي: ما وجدناه إلا بحرًا.
قال ابن التين: هذا مذهب الكوفيين، وعند البصريين؛ أن إن مخففة من الثقيلة، واللام زائدة، وكذا قال الأصمعي: وزيدت للفرق بين أن المخففة والنافية، "قال: وكان فرسًا يبطؤ" بفتح الياء، وسكون الموحدة، وضم الطاء، مخففًا، وبالهز، أي: لا يسرع في مشيه، رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وللبخاري" في الجهاد، عن أنس: "إن أهل المدينة فزعوا مرة" ليلًا، "فركب -صلى الله عليه وسلم- فرسًا لأبي طلحة، كان يقطف" بكسر الطاء، وتضم، قاله المصنف، "أو فيه

الصفحة 99