كتاب تفسير القرطبي (اسم الجزء: 6)
هَذَا الْمَحْذُوفِ. وَفِي قَوْلِهِ: (وَفَضْلٍ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يَتَفَضَّلُ عَلَى عِبَادِهِ بِثَوَابِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ لَمَا كَانَ فضلا. والله أعلم.
[سورة النساء (4): آية 176]
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَجَهِّزٌ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَنَزَلَتْ بِسَبَبِ جابر، قال جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ: مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَعُودَانِي مَاشِيَيْنِ، فَأُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ] رَسُولُ «1» اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِيَ؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ" يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ:" وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ" [البقرة: 281] «2» وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَمَضَى فِي أَوَّلِ السُّورَةِ الْكَلَامُ فِي" الْكَلالَةِ" مُسْتَوْفًى، «3» وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِخْوَةِ هُنَا الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ] أَوْ لِلْأَبِ [«4» وَكَانَ لِجَابِرٍ تسع أخوات. الثانية- قوله تَعَالَى:" إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ" أَيْ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا، قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: لَفْظُ الْوَلَدِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْوَالِدِ وَالْمَوْلُودِ، فَالْوَالِدُ يُسَمَّى، وَالِدًا لِأَنَّهُ وَلَدَ، وَالْمَوْلُودُ يُسَمَّى وَلَدًا لِأَنَّهُ وُلِدَ، كَالذُّرِّيَّةِ فَإِنَّهَا مِنْ ذَرَا ثُمَّ تُطْلَقُ عَلَى الْمَوْلُودِ وَعَلَى الْوَالِدِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ" «5»] يس: 41].
__________
(1). من ك.
(2). راجع ج 3 ص 375.
(3). راجع ج 5 ص 76 وما بعدها.
(4). من ج وز وك. [ ..... ]
(5). راجع ج 15 ص 34
الصفحة 28