كتاب تفسير القرطبي (اسم الجزء: 6)

الْخَوْفُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ «1»: (الْخَرْعُ) بِالْخَاءِ الْمَنْقُوطَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ. [قَالَ] «2» يَعْنِي الضَّعْفَ وَالْخَوَرَ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ). وأما عبد الله ابن الزِّبَعْرَى فَإِنَّهُ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَ عُذْرَهُ، وَكَانَ شَاعِرًا مَجِيدًا، فَقَالَ يَمْدَحُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ فِي مَدْحِهِ أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ يَنْسَخُ بِهَا مَا قَدْ مَضَى فِي كُفْرِهِ، مِنْهَا قَوْلُهُ:
مَنَعَ الرُّقَادَ بَلَابِلٌ وَهُمُومُ ... وَاللَّيْلُ مُعْتَلِجُ الرَّوَاقِ بَهِيمُ
مِمَّا أَتَانِي أَنَّ أَحْمَدَ لَامَنِي ... فِيهِ فَبِتُّ كَأَنَّنِي مَحْمُومُ
يَا خَيْرَ مَنْ حَمَلَتْ عَلَى أَوْصَالِهَا ... عَيْرَانَةٌ «3» سُرُحُ الْيَدَيْنِ غَشُومُ
إِنِّي لَمُعْتَذِرٌ إِلَيْكَ مِنَ الذِي ... أَسْدَيْتُ إِذْ أَنَا فِي الضَّلَالِ أَهِيمُ
أَيَّامَ تَأْمُرُنِي بِأَغْوَى خُطَّةٍ ... سَهْمٌ وَتَأْمُرُنِي بِهَا مَخْزُومُ
وَأَمُدُّ أَسْبَابَ الرَّدَى وَيَقُودُنِي ... أَمْرُ الْغُوَاةِ وَأَمْرُهُمْ مَشْئُومُ
فَالْيَوْمَ آمَنَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ... قَلْبِي وَمُخْطِئُ هَذِهِ مَحْرُومُ
مَضَتِ الْعَدَاوَةُ فَانْقَضَتْ أَسْبَابُهَا ... وَأَتَتْ أَوَاصِرُ بَيْنَنَا وَحُلُومُ
فَاغْفِرْ فِدًى لَكَ وَالِدَايَ كِلَاهُمَا ... زَلَلِي «4» فَإِنَّكَ رَاحِمٌ مَرْحُومُ
وَعَلَيْكَ مِنْ سِمَةِ الْمَلِيكِ عَلَامَةٌ ... نُورٌ أَغَرُّ وَخَاتَمٌ مَخْتُومُ
أَعْطَاكَ بَعْدَ مَحَبَّةٍ بُرْهَانَهُ ... شَرَفًا وَبُرْهَانُ الْإِلَهِ عَظِيمُ
وَلَقَدْ شَهِدْتُ بِأَنَّ دِينَكَ صَادِقٌ ... حَقًّا وَأَنَّكَ فِي الْعِبَادِ جَسِيمُ
وَاللَّهُ يَشْهَدُ أَنَّ أَحْمَدَ مُصْطَفًى ... مُسْتَقْبَلٌ فِي الصَّالِحِينَ كَرِيمُ
قَرْمٌ «5» عَلَا بُنْيَانُهُ مِنْ هَاشِمٍ ... فرع تمكن في الذرى وأروم
__________
(1). في ك وى: أبو عبيدة.
(2). من ج وك وب وز وه.
(3). الناقة ذات السرعة والنشاط. والناقة الصلبة. راجع ج 5 ص 206.
(4). في ب وج وك وز وه: وارحم.
(5). السيد العظيم.

الصفحة 407