كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 6)

وَآكِلٍ وَفِي حَمَّامٍ، وَلَا جَوَابَ عَلَيْهِمْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِأَنَّ مُكَالَمَتَهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْأَدَبِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ حَاجَةُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، وَلَا عَلَى الْمُجَامِعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَ) لَا عَلَى (آكِلٍ) - بِالْمَدِّ - لِشَغْلِهِ بِهِ (وَ) لَا عَلَى مَنْ (فِي حَمَّامٍ) لِاشْتِغَالِهِ بِالِاغْتِسَالِ، وَهُوَ مَأْوَى الشَّيَاطِينَ، وَلَيْسَ مَوْضِعُ تَحِيَّةٍ. وَاسْتَثْنَى مَعَ ذَلِكَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً، مِنْهَا الْمُصَلِّي، وَمِنْهَا الْمُؤَذِّنُ، وَمِنْهَا الْخَطِيبُ، وَمِنْهَا الْمُلَبِّي فِي النُّسُكِ، وَمِنْهَا مُسْتَغْرِقُ الْقَلْبِ بِالدُّعَاءِ، وَبِالْقِرَاءَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَمِنْهَا النَّائِمُ أَوْ النَّاعِسُ، وَمِنْهَا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ؛ لِأَنَّ حَالَتَهُمْ لَا تُنَاسِبُهُ. وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ عَلَى حَالَةٍ لَا يَجُوزُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ الْقُرْبُ مِنْهُ (وَلَا جَوَابَ) وَاجِبٌ (عَلَيْهِمْ) لَوْ أُتِيَ بِهِ لِوَضْعِهِ السَّلَامَ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ لِعَدَمِ سَنِّهِ. وَاسْتَثْنَى الْإِمَامُ مِنْ الْأَكْلِ مَا إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ بَعْدَ الِابْتِلَاعِ وَقَبْلَ وَضْعِ لُقْمَةٍ أُخْرَى فَيُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَكَذَا مَنْ كَانَ فِي مَحِلِّ نَزْعِ الثِّيَابِ فِي الْحَمَّامِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى كَلَامِهِ اسْتِوَاءُ حُكْمِ الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يُكْرَهُ الرَّدُّ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَالْمُجَامِعِ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ يَأْكُلُ أَوْ فِي حَمَّامٍ، وَكَذَا الْمُصَلِّي وَنَحْوَهُ بِالْإِشَارَةِ.

وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى الْمُؤَذِّنِ لَمْ يَجِبْ حَتَّى يَفْرُغَ، وَهَلْ الْإِجَابَةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَاجِبَةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ؟ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ.
وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ مُطْلَقًا، وَإِذَا سَلَّمَ عَلَى حَاضِرِ الْخُطْبَةِ وَقُلْنَا بِالْجَدِيدِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْكَلَامُ، فَفِي الرَّدِّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ وُجُوبُ الرَّدِّ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَالثَّانِي اسْتِحْبَابُهُ. وَالثَّالِثُ جَوَازُهُ، وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْخَطِيبِ. أَمَّا هُوَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ قَطْعًا لِاشْتِغَالِهِ، وَالْقَارِئُ كَغَيْرِهِ فِي اسْتِحْبَابِ السَّلَامِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ بِاللَّفْظِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي إلَّا مُسْتَغْرِقَ الْقَلْبِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ.

تَنْبِيهٌ: صِيغَةُ السَّلَامِ ابْتِدَاءً: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ قَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيمٌ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ، وَإِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَكَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ. أَمَّا لَوْ قَالَ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَلَيْسَ سَلَامًا فَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، وَتُنْدَبُ صِيغَةُ الْجَمْعِ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا أَمْ جَمَاعَةً، وَيَكْفِي الْإِفْرَادُ لِلْوَاحِدِ - وَيَكُونُ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ - دُونَ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَكْفِي، وَالْإِشَارَةُ بِهِ بِيَدٍ أَوْ نَحْوِهَا بِلَا لَفْظٍ لَا يَجِبُ لَهَا رَدٌّ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّفْظِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى اللَّفْظِ، وَصِيغَتُهُ رَدًّا: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، أَوْ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ لِلْوَاحِدِ، وَلَوْ تَرَكَ الْوَاوُ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ قَالَ: وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَوْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ كَفَى، فَإِنْ قَالَ: وَعَلَيْكُمْ وَسَكَتَ عَنْ السَّلَامِ لَمْ يَكْفِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلسَّلَامِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ. فَإِنْ

الصفحة 16