كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 6)
كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ
هُمَا سُنَّةٌ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ]
ِ. كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا، مِنْ السَّبْقِ بِالسُّكُونِ مَصْدَرُ سَبَقَ أَيْ تَقَدَّمَ، وَبِالتَّحْرِيكِ الْمَالُ الْمَوْضُوعُ بَيْنَ أَهْلِ السِّبَاقِ (وَالْمُنَاضَلَةِ) عَلَى السِّهَامِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَامَاةُ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمُغَالَبَةِ، يُقَالُ نَاضَلْته فَنَضَلْته كَغَالَبْتُه فَغَلَبْته وَوَزْنًا وَمَعْنًى وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ النِّضَالُ فِي الرَّمْيِ، وَالرِّهَانُ فِي الْخَيْلِ، وَالسِّبَاقُ يَكُونُ فِي الْخَيْلِ وَالرَّمْيِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17] . قِيلَ مَعْنَاهُ نَنْتَضِلُ بِالسِّهَامِ، فَعَلَى هَذَا، التَّرْجَمَةُ بِالْمُسَابِقَةِ كَافٍ لِشُمُولِ الْأَمْرَيْنِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّنْبِيهِ، وَهَذَا الْبَابُ لَمْ يَسْبِقْ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَدٌ إلَى تَصْنِيفِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ (هُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ ذَوِي الْأَعْذَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فِي الْأَعْرَجِ يَقْصِدُ التَّأَهُّبَ لِلْجِهَادِ (سُنَّةٌ) أَيْ مَسْنُونٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] وَفَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُوَّةَ بِالرَّمْيِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَالَ ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» .
وَلِخَبَرِ أَنَسٍ «كَانَتْ الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تُسْبَقُ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا إلَّا وَضَعَهُ» ،.
وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ، وَحَسَّنَهُ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا فَرْضَ كِفَايَةٍ، لِأَنَّهُمَا مِنْ وَسَائِلِ الْجِهَادِ، وَمَا
الصفحة 166