كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 6)

وَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوِلَادَةٍ، أَوْ رَحِمٍ، أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَيَكُونُ هَذَا الْقِيَامُ لِلْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ، لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الدَّاخِلِ مَحَبَّةَ الْقِيَامِ لَهُ بِأَنْ يَقْعُدَ وَيَسْتَمِرُّوا قِيَامًا لَهُ كَعَادَةِ الْجَبَابِرَةِ، أَمَّا مَنْ أَحَبَّ ذَلِكَ إكْرَامًا لَهُ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يُتَّجَهُ كَمَا قَالَ: شَيْخُنَا تَحْرِيمُهُ.

وَتُنْدَبُ الْمُصَافَحَةُ مَعَ بَشَاشَةِ الْوَجْهِ، وَالدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا لِلتَّلَاقِي، وَلَا أَصْلَ لِلْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهَا فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا.

وَإِنْ قَصَدَ بَابًا لِغَيْرِهِ مُغْلَقًا نُدِبَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ لَمْ يُجَبْ أَعَادَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ أُجِيبَ فَذَاكَ، وَإِلَّا رَجَعَ، فَإِنْ قِيلَ لَهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ مَنْ أَنْتَ؟ نُدِبَ أَنْ يَقُولَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَنِّيَ نَفْسَهُ، أَوْ يَقُولَ الْقَاضِي فُلَانٌ. أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطَبُ إلَّا بِذَلِكَ، وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَا، أَوْ الْخَادِمُ.

وَتُنْدَبُ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ، وَالْجِيرَانِ غَيْرِ الْأَشْرَارِ، وَالْإِخْوَانِ وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامُهُمْ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ أَنْ يَزُورُوهُ، وَأَنْ يُكْثِرُوا زِيَارَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ.

وَتُنْدَبُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى، وَأَنْ يَضَعَ مَنْ جَاءَهُ الْعُطَاسُ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ نَحْوَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَيُخَفِّفُ صَوْتَهُ مَا أَمْكَنَ، وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِبَ عُطَاسِهِ. ثُمَّ إنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَسَرَّ بِهِ، أَوْ فِي حَالَةِ بَوْلٍ، أَوْ جِمَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى شُمِّتَ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا دُعِيَ لَهُ بِالشِّفَاءِ وَيُذَكَّرُ بِالْحَمْدِ إنْ تَرَكَهُ، وَالتَّشْمِيتُ لِلْمُسْلِمِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَوْ رَبُّكَ، وَيَرُدُّ بِيَهْدِيكُمْ اللَّهُ، أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَابْتِدَاؤُهُ وَرَدُّهُ سُنَّةُ عَيْنٍ إنْ تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَكِفَايَةٌ. وَتَشْمِيتُ الْكَافِرِ بِيَهْدِيك اللَّهُ وَنَحْوه، لَا بِيَرْحَمُك اللَّهُ تَعَالَى.

وَيُنْدَبُ رَدُّ التَّثَاؤُبِ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ غَلَبَهُ سَتَرَ فَمَهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرَهَا، وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَحِّبَ بِالْقَادِمِ الْمُسْلِمِ، وَأَنْ يُلَبِّيَ دُعَاءَهُ. أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا، وَأَنْ يُخْبِرَ أَخَاهُ بِحُبِّهِ لَهُ فِي اللَّهِ، وَأَنْ يَدْعُوَ لِمَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ الْجَلِيلِ فِي عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ أَوْ نَحْوِهِ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، أَوْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَدَلَائِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ.

[مَوَانِعِ الْجِهَادِ]
ثُمَّ شَرَعَ فِي مَوَانِعِ الْجِهَادِ. فَقَالَ: (وَلَا جِهَادَ) وَاجِبٌ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ مُرْتَدٍّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَالِغٍ، عَاقِلٍ، ذَكَرٍ، مُسْتَطِيعٍ لَهُ، حُرٍّ وَلَوْ سَكْرَانَ، وَاجِدٍ أُهْبَةَ الْقِتَالِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ يَبْذُلُ الْجِزْيَةَ لِيُذَبَّ عَنْهُ لَا لِيَذُبَّ عَنَّا، وَلَا (عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ} [التوبة: 91] الْآيَةَ، قِيلَ هُمْ الصِّبْيَانُ لِضَعْفِ أَبْدَانِهِمْ، وَقِيلَ الْمَجَانِينُ لِضَعْفِ عُقُولِهِمْ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ جَمَاعَةً اسْتَصْغَرَهُمْ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ ابْنَ عُمَرَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَجَازَهُ فِي الْخَنْدَقِ» وَكَذَا اتَّفَقَ لِسَعْدِ بْنِ حَبَّةَ: بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ الْأَنْصَارِيّ، «وَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ يُقَاتِلُ قِتَالًا شَدِيدًا، وَهُوَ حَدِيثُ السِّنِّ قَالَ: أَسْعَدَ اللَّهُ جَدَّكَ اقْتَرِبْ مِنِّي، فَاقْتَرَبَ مِنْهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ» ، فَكَانَ عَمًّا لِأَرْبَعِينَ، وَخَالًا لِأَرْبَعِينَ، وَجَدًّا لِعِشْرِينَ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ دِحْيَةَ وَغَيْرُهُ (وَ) لَا عَلَى خُنْثَى، وَلَا (امْرَأَةٍ) لِضَعْفِهَا،

الصفحة 18