كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 6)
وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الْبَرَاءَ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ أَيْضًا.
وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَقَطَعَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ لَا تُجْزِيَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ أَبِي بُرْدَةَ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ تَخْصِيصُ نَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ بِذَلِكَ؛ وَلَوْ أَنَّ مَا دُونَ الْجَذَعَةِ لَا يُجْزِي لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَأْمُورُ بِالْبَيَانِ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] . وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَإِنْ اعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُتَعَسِّفِينَ فَقَالَ: إنَّ حَدِيثَ أَبِي بُرْدَةَ هَذَا قَدْ رَوَاهُ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ فَقَالَ فِيهِ «إنَّ عِنْدِي عَنَاقًا جَذَعَةً فَهَلْ تُجْزِي عَنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَنْ تُجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» ؟ . قُلْنَا: نَعَمْ، وَالْعَنَاقُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الضَّانِيَةِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْمَاعِزَةِ وَلَا فَرْقَ.
وَقَالَ الْعَدَبَّسُ الْكِلَابِيُّ، وَأَبُو فَقْعَسٍ الْأَسَدِيُّ، وَكِلَاهُمَا مِمَّا نَقَلَ الْأَئِمَّةُ عَنْهُمَا اللُّغَةَ: الْجَفْرُ، وَالْعَنَاقُ، وَالْجَدْيُ، مِنْ أَوْلَادِ الْمَاعِزِ إذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ مِنْ أَوْلَادِ الضَّأْنِ.
فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّ مُطَرِّفَ بْنَ طَرِيفٍ رَوَاهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ فَذَكَرَ فِيهِ «أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعْزِ، قَالَ: اذْبَحْهَا وَلَا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ» . قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ هَذَا كُلَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ عَنْ قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ، فَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْ الْبَرَاءِ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» هِيَ
الصفحة 16
517