كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 6)

أَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ فَمِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ لَهُ غَيْرُ مُسْنَدَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ ذَلِكَ، وَهُمْ لَا يَجْعَلُونَ قَوْلَ أَسْمَاءَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ: «نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ» مُسْنَدًا، وَلَا قَوْلَ جَابِرٍ: «كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» مُسْنَدًا، وَلَا قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إنَّ طَلَاقَ الثَّلَاثِ كَانَ يُرَدُّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْوَاحِدَةِ» مُسْنَدًا، وَكُلُّهَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَيَقُولُونَ: لَيْسَ فِيهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْرِفُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَجْعَلُونَ هَذَا الْخَبَرَ السَّاقِطَ الْوَاهِيَ مُسْنَدًا، وَهَذَا قِلَّةُ حَيَاءٍ وَاسْتِخْفَافٌ بِالْكَلَامِ فِي الدِّينِ، وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا - عَنْ مَجْهُولٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ بِلَالٍ فَهُوَ عَنْ أُمِّ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى - وَلَا يُدْرَى مَنْ هِيَ - عَنْ أُمِّ بِلَالٍ - وَهِيَ مَجْهُولَةٌ - وَلَا نَدْرِي لَهَا صُحْبَةٌ أَمْ لَا؟
وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي جَعْفَرٍ كِلَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ - وَهُوَ هَالِكٌ - وَطَرِيقُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأُولَى أَسْقَطَهَا كُلَّهَا وَفَضِيحَةُ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - عَنْ كِدَامِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا نَدْرِي مَنْ هُوَ؟ عَنْ أَبِي كِبَاشٍ الَّذِي جَلَبَ الْكِبَاشَ الْجَذَعَةَ إلَى الْمَدِينَةِ فَبَارَتْ عَلَيْهِ.
هَكَذَا نَصُّ حَدِيثِهِ، وَهُنَا جَاءَ مَا جَاءَ أَبُو كِبَاشٍ وَمَا أَدْرَكَ مَا أَبُو كِبَاشٍ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَكَذَلِكَ خَبَرُ الشَّيْخِ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ، وَكَفَاك بِهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأُخْرَى مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَحَدِيثُ مَكْحُولٍ مُرْسَلٌ.
وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ كُلُّهَا بِالْأَسَانِيدِ الَّتِي لَا مَغْمَزَ فِيهَا لَمَا كَانَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي كُلِّ مَا كَانَ مِنْ الْأَنْعَامِ بِلَا شَكٍّ، وَقَدْ كَانَ نَزَلَ حُكْمُهَا بِلَا شَكٍّ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَ قِصَّةِ أَبِي بُرْدَةَ، وَضَحَّى أَبُو بُرْدَةَ وَقَوْمٌ مَعَهُ بِيَقِينٍ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» .
فَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا لَكَانَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تُجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ

الصفحة 22