كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 6)

الوكيل خضوع الموكل فإذا فعلها غيره فأتمت المصلحة التي طلبها الشارع قاله القرافي فلا تصح نيابة فيها لذاتها فرضًا أو سنة أو رغيبة أو مندوبة لعدم سقوطها عن المستنيب وأما على إيقاعها بمكان وزمن مخصوصين فتصح كالقارئ مطلقًا وكنيابة في أذان وإمامة ونحوهما كقراءة بمصحف بمكان مخصوص وقيد المنوفي الجواز بالضرورة وفي كلامه إيماء إلى استحقاق النائب جميع المعلوم ويمكن حمله على ما للقرافي من أن له ما اتفقا عليه من قليل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باعتبار ذاته مع قطع النظر عن فاعله وما هو متردد بينهما فاختلف فيه العلماء بأيهما يلحق فمثال الأول اليمين والإيمان والصلاة والصيام والنكاح بمعنى الوطء ونحوها فإن مصلحة اليمين الدلالة على صدق المدعي وذلك غير حاصل بحلف غيره ولذلك قيل ليس في السنة أن يحلف أحد ويستحق غيره ومصلحة الإيمان الإجلال والتعظيم وإظهار العبودية لله وإنما تحصل من جهة الفاعل وكذا الصيام والصلاة ومصلحة النكاح بمعنى الوطء الإعفاف وتحصيل ولد ينسب إليه وذلك لا يحصل بفعل غيره بخلاف النكاح بمعنى العقد فإن مصلحته تحقيق سبب الإباحة وهو يتحقق بفعل الوكيل كتحققه بفعل الموكل ومثال الثاني رد العواري والودائع والغصوبات لأهلها وقضاء الديون وتفريق الزكاة ونحوها فإن مصلحة هذه الأشياء إيصال الحقوق لأهلها وذلك مما يحصل بفعل المكلف بها وغيره فيبرأ المأمور بها بفعل الغير وإن لم يشعر ومثال الثالث الحج فمن رأى من العلماء كمالك ومن وافقه أن مصلحته تأديب النفس وتهذيبها وتعظيم شعائر الله تعالى في تلك البقاع وإظهار الانقياد إليه وأن المال فيه عارض بدليل المكي فإنه يحج بلا مال ألحقه بالقسم الأول لأن هذه المصالح لا تحصل بفعل الغير عنه ومن رأى كالشافعي ما فيه من القربة المالية التي لا ينفك عنها غالبًا ألحقه بالثاني اهـ.
بخ من كلام الشيخ المسناوي رحمه الله تعالى ونفعنا به وقول ز وفي كلامه إيماء إلى استحقاق النائب جميع المعلوم الخ فيه نظر بل كلام المتوفى صريح مثل كلام القرافي في أن النائب مع الضرورة ليس له إلا ما اتفق عليه مع المنوب عنه من قليل أو كثير لأن المصنف في ضيح في باب الحج لما ذكر إن دفع الإمام من مرتبه شيئًا قليلًا لمن ينوب عنه حرام نقل عن شيخه المتوفى رحمه الله تعالى ما نصه وأما من اضطر إلى شيء من الإجارة على ذلك فإني أعذره لضرورته اهـ.
وإنما محل اختلاف كلام القرافي والمنوفي إذا وقعت الاستنابة من غير عذر فإن القرافي ذكر أن خراج الوقف لا شيء منه للنائب ولا للمنوب عنه ومقتضى كلام المنوفي استحقاق النائب لجميع الخراج ونص كلام القرافي في الفرق الخامس عشر إذا وقف الواقف على من يقوم بوظيفة الإمامة أو الأذان أو الخطابة أو التدريس فلا يجوز لأحد أن يتناول من ريع ذلك شيئًا إلا إذا قام بذلك الشرط على مقتضى ما شرطه الواقف فإن استناب غيره في هذه الحالة عنه في غير أوقات الأعذار فإنه لا يستحق واحد منهما شيئًا من ريع ذلك الوقف أما النائب فلان من شرط استحقاقه صحة ولايته وهي مشروطة بأن يكون ممن له النظر وهذا المستنيب ليس له نظر إنما هو إمام أو مؤذن أو خطيب أو مدرس فلا تصح الولاية الصادرة منه وأما المستنيب فلا يستحق شيئًا أيضًا بسبب أنه لم يقم بشرط الواقف فإن استناب في أيام

الصفحة 136