كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 6)

تأخير الحميل فقط فله حينئذ طلب المدين لأن لرب الدين وضع الحمالة من أصلها عن الضامن فإن نكل لزمه انظار المدين مدة انظار الكفيل فإن قلت ما فائدة تأخير الضامن مع حضور المدين موسرًا وعدم مطالبة الضامن حينئذ قلت إنما تظهر فيما إذا نكل رب الدين عن اليمين فإنه يلزمه إنظار المدين مدة انظار الكفيل كما مر وبعبارة واستشكل قوله وتأخر الخ بأنه لا يتأتى على المشهور من أنه لا يطالب إن حضر الغريم موسرًا كما مر وأجيب بأنه أخره والمدين معسر أو غائب فإن أيسر في أثناء أجل تأخير الضامن أو قدم مليئًا أثناءه لم يطالب حتى يحل الأجل الذي أخره رب الدين للضامن ولما أنهى الكلام على الضمان أخذ يتكلم على ما يعرض له من مبطلات فقال (وبطل) الضمان فلا يلزم الضامن شيء (إن فسد متحمل به) كثمن مبيع فاسد كدراهم بدنانير لأجل وكما إذا قال شخص لآخر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: وقع في البيان على ما نقله أبو الحسن وصاحب الذخيرة وق وح فإن حلف لم يلزمه التأخير وإن نكل لزمه التأخير والكفالة ساقطة على كل حال اهـ.
قال ح وهو مشكل لاقتضائه سقوط الكفالة مع حلفه أيضًا ونقل في ضيح والشارح كلام ابن رشد والكفالة ثابتة بكل حال وهو أيضًا مشكل لاقتضائه إن مذهب ابن القاسم لزوم الكفالة إذا نكل وليس كذلك ونص كلام أبي الحسن عن البيان وإن نكل لزمه التأخير والكفالة ساقطة بكل حال هذا مذهب ابن القاسم في المدونة وإن كان سكت فيها عن اليمين وقد قيل إن الكفالة ساقطة بكل حال وهو قول الغير في المدونة وقيل لازمة بكل حال اهـ.
وهو مشكل لأن القول الثاني هو الأول وعبارة ضيح وإن نكل لزمه التأخير والكفالة ثابتة بكل حال هذا مذهب ابن القاسم في المدونة وإن كان سكت فيها عن اليمين وقال غيره في المدونة الكفالة ساقطة بكل حال وقيل إنها لازمة بكل حال خليل انظر هذا فالظاهر أنه كالقول الأول اهـ.
كلام ح باختصار فكلام البيان على كل من النقلين مشكل عند ح قال طفى والذي عليه الناقلون لكلام البيان هو نقل أبي الحسن وصاحب الذخيرة ولا إشكال فيه وقول ح رحمه الله لاقتضائه سقوط الكفالة مع حلفه فيه نظر فإن ابن رشد معترف بسقوطها لقوله أول كلامه فإن علم فأنكر لم تلزمه الكفالة الخ وبأن حلفه إنما هو ليبطل التأخير حيث بطلت الكفالة كما في نقل ق عنه وهكذا في نقل أبي الحسن وح اختصره وأخل بما يدل على المطلوب منه وقوله وقد قيل إن الكفالة ساقطة بكل حال ليس هو الأول لأن المراد سقوطها بكل حال في الأول أي يفيد الإنكار حلف أم لا وهو قول ابن القاسم في المدونة على ما فهمها ابن رشد والقول الثاني سقوطها بكل حال لا يقيد الإنكار فعنده أن نفس التأخير مسقط لها وهو قول الغير فافترق القولان ثم نقل نص المدونة بهذا وقال بعده فأنت ترى قول الغير بسقوط الحمالة غير مقيد بالإنكار بل مطلقًا ولو علم وسكت أو لم يعلم حتى حل التأخير بخلاف قول ابن القاسم فقد اتضح لك الحق وبان لك أن بين القولين فرق وأما نقل ضيح عن ابن رشد تبعًا لابن عبد السلام فهو سبق قلم لأن ابن عبد السلام اختصر كلام ابن رشد فطغا عليه القلم اهـ.

الصفحة 58