كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 6)

يدعي بعشرة دنانير فينكرها ثم يصالحه على مائة درهم إلى أجل فهذا ممتنع على دعوى المدعي وحده إذ لا يجوز له أن يأخذ دراهم مؤجلة عن دنانير ويجوز ذلك على إنكار المدعى عليه لأنه إنما صالح على الافتداء من يمين وجبت عليه فهذا ممتنع عند مالك وابن القاسم وأجازه أصبغ إذ لم تتفق دعواهما على فساد ومثال ما يمتنع على دعوى المدعى عليه وحده أن يدعي بعشرة أرادب قمحًا من قرض وقال الآخر إنما لك عليّ خمسة من سلم وأراد أن يصالحه على دراهم ونحوها معجلة فهذا جائز على دعوى المدعي لأن طعام القرض يجوز بيعه قبل قبضه ويمتنع على دعوى المدعى عليه لأن طعام السلم لا يجوز بيعه قبل قبضه فهذا يمتنع عند مالك وابن القاسم (ولا يحل) المصالح به (للظالم) فيما بينه وبين الله بل ذمته مشغولة للمظلوم وظاهر كلامه ولو حكم له حاكم يراه وهو ظاهر إذ قوله للظالم يشعر بأن الحكم وقع فيما ظاهره يخالف باطنه فهو موافق لقوله في القضاء لا أحل حرامًا وأما ظاهره كباطنه فيحل الحرام كما أفتى به صر كما مر ويأتي ثم رتب كما في د على مقدر بعد قوله بيع أو إجارة وهو فلزم إلا لعارض وبين العارض أو فرع كما في الشيخ سالم على قوله ولا يحل للظالم فقال (فلو أقر) الظالم مدعى عليه أو مدعيًا بما ادعى به عليه أو ببطلان دعواه (بعده) أي بعد وقوع الصلح فللمظلوم نقضه لأنه كالمغلوب عليه (أو شهدت بينة) للمظلوم على الظالم (لم يعلمها) حين الصلح قربت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على ظاهر المنع مثلًا وإنما الظاهر أن المراد بالحكم ما يطرأ بينهما في المخاصمة ومجلس الفصل وقول ز ومثال ما يمتنع على دعواهما الخ قال طفى انظر ذكرهم في المثل الإقرار المختلط بالإنكار مع أنه لا يجوز على دعوى كل منهما فأحرى على ظاهر الحكم فكان الصواب الاقتصار في التمثيل على ما يجوز على دعوى أحدهما دون الآخر وهو الإنكار المحض إذ هو محل الخلاف ثم استدل بقول عياض بعد أن ذكر أن ما وقع من صلح حرام في صلح الإقرار المختلط بالإنكار يفسخ على كل حال ومثله بالمثال الذي عند ز ما نصه وهو مما لا يختلف فيه لأن الحرام وقع في حقهما جميعًا قالوا وإنما يختلف إذا كان توقع الفساد في حق أحدهما وذلك في الصلح على الإنكار المحض اهـ.
قلت وفيه نظر أما أولًا فإن من صور الإقرار المختلط بالإنكار ما يجوز على دعوى أحدهما دون الآخر كالمثال الأخير عند ز فلا وجه لقصر الخلاف على صور الإنكار المحض وأما ثانيًا فإن ما زعمه من أن الصواب الاقتصار في التمثيل على محل الخلاف ليس بصواب لأن المصنف رحمه الله تعالى لم يذكر الخلاف وإنما ذكر شروط الجواز فاقتضى مفهومها صورًا لا بد من التمثيل لها منها ما هو محل خلاف ومنها ما هو محل اتفاق ولا يقال الصلح على الإقرار المختلط كالصلح على الإقرار المحض فلا يندرج هنا لأنا نقول لما كان المقر به في هذا غير المدعى به وأمكن أن يجوز على دعوى أحدهما دون الآخر لذلك أدرجوه في صلح الإنكار وجعلوا فيه شروطه بخلاف الإقرار المحض فلا يمكن فيه الجواز على دعوى أحدهما فقط تأمل والله تعالى أعلم (أو شهدت بينة لم يعلمها) هذا مقيد بأن يقوم له على

الصفحة 9