كتاب تفسير القاسمي = محاسن التأويل (اسم الجزء: 6)

يتخذون إلا من طاعن بالرمح ومنع الحريم، يريد الذكران. والخطأ كالإثم، لفظا ومعنى. ولما نهى عن قتل الأولاد، نهى عن قطع النسل بقوله سبحانه:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (17) : آية 32]
وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (32)
وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً أي فعلة قبيحة متناهية في القبح. توجب النفرة عن صاحبه، والتفرقة بين الناس وَساءَ سَبِيلًا أي بئس طريقا طريقه. فإنه غصب الأبضاع المؤدي إلى اختلاف أمر الأنساب، وهيجان الفتن غصبا من غير سبب. والسبب ممكن. وهو الصهر الذي شرعه الله، وقال المهايميّ: ساءَ سَبِيلًا لقضاء الشهرة التي خلقت لطلب النسل، بتضييعه. ثم ذكر ما هو أعظم في التنفير، والتفرقة فقال تعالى مجده:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (17) : آية 33]
وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (33)
وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ أي قتلها وهي نفس الإنسان إِلَّا بِالْحَقِّ أي إلا بسبب الحق، فيتعلق ب لا تَقْتُلُوا أو حال من فاعل (لا تقتلوا) أو من مفعوله.
وجوز تعلقه ب (حرّم) أي حرّم قتلها إلا بالحق. وحقها أن لا تقتل إلا بكفر بعد إسلام، أو زنى بعد إحصان، أو قودا بنفس وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً أي ومن قتل بغير حق، مما تقدم، فقد جعلنا لوليّه، الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه سُلْطاناً أي تسلطا على القاتل في الاقتصاص منه. أو حجة يثب بها عليه، وحينئذ فلا يسرف في القتل. أي فلا يقتل غير القاتل، ولا اثنين والقاتل واحد، كعادة الجاهلية. كان إذا قتل منهم واحد قتلوا به جماعة. وقوله: إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً تعليل للنهي. والضمير للوليّ. يعني: حسبه أن الله قد نصره بأن أوجب له القصاص، فلا يستزد على ذلك.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (17) : آية 34]
وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (34)

الصفحة 459