وأم الجارود در مكة بنت رؤيم. أخت يزيد بن رؤيم أبي حوشب بن يزيد الشيباني. وكان الجارود شريفًا في الجاهلية. وكان نصرانيًا فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في الوفد فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الإسلام وعرضه عليه فقال الجارود:
إني قد كنت على دين وإني تارك ديني لدينك. أفتضمن لي ديني؟ [فقال رسول الله. ص: أنا ضامن لك أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه. ثم أسلم الجارود فحسن إسلامه وكان غير مغموص عليه. وأراد الرجوع إلى بلاده فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -
حملانًا فقال: ما عندي ما أحملك عليه. فقال: يا رسول الله إن بيني وبين بلادي ضوال من الإبل أفأركبها؟ فقال رسول الله. ص: إنما هي حرق النار فلا تقربها] .
وكان الجارود قد أدرك الردة. فلما رجع قومه مع المعرور بن المنذر بن النعمان قام الجارود فشهد شهادة الحق ودعا إلى الإسلام وقال: أيها الناس إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وأن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأكفى من لم يشهد. وقال:
رضينا بدين الله من كل حادث ... وبالله والرحمن نرضى به ربا
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر ومحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَلَّى قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ الْبَحْرَيْنَ فَخَرَجَ قُدَامَةُ عَلَى عَمِلِهِ فَأَقَامَ فِيهِ لا يُشْتَكَى فِيهِ مَظْلَمَةٍ وَلا فَرْجٍ إِلا أَنَّهُ لا يَحْضُرُ الصَّلاةَ. قَالَ فَقَدِمَ الْجَارُودُ سَيِّدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ قُدَامَةَ قَدْ شَرِبَ وَإِنِّي رَأَيْتُ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَهُ إِلَيْكَ. فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ يَشْهَدُ عَلَى مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ الْجَارُودُ:
أَبُو هُرَيْرَةَ يَشْهَدُ. فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى قُدَامَةَ بِالْقُدُومِ عَلَيْهِ. فَقَدِمَ. فَأَقْبَلَ الْجَارُودُ يُكَلِّمُ عُمَرَ وَيَقُولُ: أَقِمْ عَلَى هَذَا كِتَابَ اللَّهِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَشَاهِدٌ أَنْتَ أَمْ خَصْمٌ؟ فَقَالَ الْجَارُودُ:
بَلْ أَنَا شَاهِدٌ. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ كُنْتَ أَدَّيْتَ شَهَادَتَكَ. فَسَكَتَ الْجَارُودُ. ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: أَقِمِ الْحَدَّ عَلَى هَذَا. فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَاكَ إِلا خَصْمًا وَمَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. أَمَا وَاللَّهِ لَتَمْلِكَنَّ لِسَانَكَ أَوْ لأَسُوءَنَّكَ. فَقَالَ الْجَارُودُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِالْحَقِّ أَنْ يَشْرَبَ ابْنُ عَمِّكَ وَتَسُوءُنِي. فوزعه عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْجَارُودُ الْعَبْدِيُّ لَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَجْلِدَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ الْجَارُودُ: يُجْلَدُ وَاللَّهِ خَالُكَ أَوْ يَأْثَمُ