كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

والقول الآخر في القديم: لا يكون ظهاراً؛ لأنه لم يأت بمعهود الجاهلية.
ولو شبهها بامرأة محرمة عليه بسبب الرضاع-: ففي الجديد: هل يكون ظهاراً؟ فيه قولان:
أحدهما: يكون ظهاراً؛ كما لو شبهها بأخت النسب.
والثاني: لا يكون ظهاراً؛ لأنه شبهها بامرأة خلقت حلالاًله؛ فحرمت لعارض.
ولو شبهها بامرأة محرمة عليه بسبب المصاهرة-: فقد قيل هو كما لو شبهها بالمحرمة بالرضاع.
وقيل: لا يكون ظهاراً قولاً واحداً؛ بخلاف المحرمة بالرضاع؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ". فحيث قلنا: يصير مظاهراً في التشبيه بمحرمات الرضاع، والمصاهرة-: فذلك إذا لم تزل محرمة عليه على التأبيد؛ مثل: أن شبهها بجدة الرضاع، وكانت أرضعت أمه، أو شبهها بأخت الرضاع، وأرضعتها أمه قبل ولادة، أو بحليلة الأب وتزوجها أبوه قبل ولادة، أو بربيبته التي حصلت بعد الدخول بالأم.
أما إذا كانت حلالاً، وحرمت؛ مثل: أن شبهها بأم الرضاع، أو بجدة الرضاع، وأرضعته ابنتها، أو بأخت الرضاع، وأرضعتها أمه بعد ولادة، أو أرضعتها أجنبية، أو شبهها بحليلة الأب، وتزوجها أبوه بعد ولادة، أو شبهها بحليلة الابن أو بأم امرأته أو بربيبته بعد الدخول بالأم، وكانت الربيبة حصلت قبل الدخول بالأم- فهل يكون ظهاراً؟ اختلفوا فيه:
منهم من قال: حكمه حكم ما لم تزل محرمة عليه؛ لأنها في الحال محرمة على التأبيد.
ومنهم من قال: لا يكون ظهاراً قولاً واحداً؛ لأنه شبهها بامرأة كانت حلالاً عليه، فحرمت.
أما إذا شبهها بامرأة لم تكن محرمة عليه حالة التلفظ، ثم حرمت عليه؛ مثل: أن قال لامرأته: أنت علي كظهر ربيبتي، ولم يكن دخل بأمها، ثم دخل بأمها، أو قال أنت علي كهر هذه، وأشار إلى أجنبية، ثم نكح ابنتها، حتى صارت هي أم امرأته-: لم يكن ظهاراً؛ لأنه حين تلفظ بالظهار لم تكن تلك المرأة محرمة عليه.
ولو شبهها بنساء النبي- صلى الله عليه وسلم-: لا يكون ظهاراً؛ لأن تحريمهن ليس بسبب الوصلة.
وكذلك: لو شبهها بالمحرمة باللعان أو بامرأة ليس تحريمها على التأبيد؛ كالمطلقة

الصفحة 154