كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

أما ما لا يكون وجوبه بسبب من جهته؛ كالزكاة وصدقة الفطر-: فلا يجب مع العجز، وما كان وجوبه بسبب من جهته، لكن طريقه طريق الإبدال والجبرانات؛ مثل: جزاء الصيد، وفدية الأذى والطيب واللبس-: فلا يسقط بالعجز، بل يكون عليه إلى أن يجهد كبدل المتلفات، والله أعلم.
بَابُ الكَفَّارَةِ بِالإِطْعَامِ
قال الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: 4].
إذا عجز المكفر عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أو فرط شبق-: له الانتقال إلى الإطعام؛ بخلاف صوم رمضان: لا يجوز تركه لفرط الشبق؛ لأنه لا بدل له ينتقل إليه، ولصوم الكفارة بدل؛ بدليل أن الأعرابي المجامع لما أمره النبي- صلى الله عليه وسلم- بالصوم قال: هل أوتيت إلا من الصوم؟ فقال: "أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً".
وعذر السفر لا يجعل كالمرض في جواز الانتقال إلى الإطعام؛ لأنه غير عاجز، ولا يجوز بغلبة الجوع ترك الشروع في الصوم، بل يشرع، ثم إذا عجز يفطر؛ بخلاف الذي تغلبه الشهوة: يجوز له ترك الشروع في الصوم؛ لأن الخروج عن الصوم بالأكل يباح، ولا يباح بالجماع.

الصفحة 184