كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

الزنا على المرأة، ونفي الولد، ووقوع الفرقة بين الزوجين، وتأبيد التحريم.
ولا يتعلق منها بإقامة البينة إلا شيئان: سقوط حد القذف عن الزوج، ووجوب حد الزنا عليها.
وتتعلق هذه الأحكام كلها عندنا بمجرد لعان الزوج، ولا يتوقف شيء منها على لعان المرأة، ولا على حكم الحاكم.
ثم المرأة إذا أرادت إسقاط حد الزنا عن نفسها-: عليها أن تلاعن، ولا يتعلق بلعانها إلا [سقوط الحد]، وإنما يسقط الحد عنها باللعان، [إذا وجب بلعان الزوج]. أما إذا أقام الزوج بينة على زناها-: فلا يسقط الحد عنها باللعان، [إذا وجب بلعان الزوج].
وقال مالك وأحمد: أحكام اللعان تتعلق بلعانهما جميعاً.
وعند أبي حنيفة: موجب اللعان شيئان: وقوع الفرقة، ونفي النسب، وهما لا يحصلان إلا بلعانهما وقضاء القاضي، حتى لو مات أحدهما بعد ملاعنتهما قبل قضاء القاضي: يرثه صاحبه، ولو طلقها يقع، ولكن لا يجوز إقرارهما على النكاح بعد التلاعن، بل على القاضي أن يفرق بينهما، وفرقة اللعان عندنا فرقة فسخ، وعنده فرقة طلاق.
ولا فرق في القذف بين أن يقول لها: زنيت، أو يا زانية، أو رأيتها تزني، في ثبوت اللعان.
وعند مالك: لا لعان إلا أن يقول رأيتها تزني، وأن يقول ما أصبتها في الطهر الذي رأيتها فيه.
وعندنا: إن أقر أنه أصابها في الطهر الذي قذفها فيه بالزنا-: فله أن يلاعن وينفي النسب، وهو قول عطاء، وبه قال أبو حنيفة، وظاهر القرآن حجة لمن لم يفصل هذا التفصيل.
وهل يتوقف اللعان على طلب المرأة الحد أو التعزير؟ نظر: إن كان هناك ولد يريد نفيه-: لا يتوقف.
وله أن يلاعن، سواء كانت المرأة مجنونة أو عاقلة، فعفت عن الحد أو لم تطلق أو صدقته على الزنا، أو أقام الزوج بينة على زناها؛ فالحد عنه يسقط في هذه المواضع.
وله أن يلاعن لنفي الولد، وإن لم يكن هناك ولد: فليس له أن يلاعن حتى تطلب المرأة الحد أو التعزير.

الصفحة 190