كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

فإن عفت، أو صدقته، أو قامت البينة على زناها-: سقط اللعان.
وإن كانت صغيرة أو مجنونة-: فلا يلاعن حتى تبلغ أو تفيق؛ فيطلب؛ لأن اللعان شرع للزوج لضرورته إليه في دفع النسب، ودرء الحد، وليس ههنا شيء من ذلك.
وقيل: له أن يلاعن في هذه المواضع من غير طلبها لقطع الفراش، وليس بصحيح؛ لأن قطع الفراش يمكنه بالطلاق، فلا ضرورة به إلى اللعان.
وإذا قذف امرأته المجنونة-: وجب عليه التعزير، أو قذفها بزنا أضافه إلى حال الإفاقة، أو قذفها في الإفاقة، وجب عليه الحد، ثم جنت ثم ولدت، فلاعن لنفسه في حال جنونها-: صح وسقط عنه الحد والتعزير، ووجب عليها حد الزنا، إن كان قذفها بزنا في حال الإفاقة.
فَصْلُ
من صح يمينه-: صح لعانه؛ فيجري اللعان بين الرقيقين والذميين والمحدودين، وكذلك-: إذا كان أحدهما رقيقاً أو كان الزوج مسلماً والمرأة ذمية؛ كما يجري بين المسلمين الحرين؛ وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال أبو حنيفة: لا يصح اللعان إلا ممن هو من أهل الشهادة، حتى لو كان أحد الزوجين رقيقاً أو ذمياً أو محدوداً في القذف-: فلا لعان بينهما، ثم ناقض؛ فجوز لعان الفاسق والأعمى، مع أنه لا شهادة لهما، والأخرس إذا كانت له إشارة مفهومة أو كتبة معلومة، فقذف بالإشارة أو الكتبة-: يلزمه الحد.
وكذلك يصح لعانه بالإشارة والكتبة، وإن خرس بعد ما قذف-: لاعن بالإشارة؛ [كما يصح منه البيع والنكاح والطلاق وسائر العقود بالإشارة] وإن لم يكن له إشارة ولا كتبة مفهومة-: فلا يصح منه شيء منها؛ كالمجنون.
وكذلك: من عجز عن الكلام لمرض أو غيره-: فكالأخرس، إن كان ميئوساً منه وإن لم يكن ميئوساً منه-: ففيه وجهان:
أحدهما: لا يصح لعانه ولا غيره؛ لأنه لم يقع اليأس من نطقه.
والثاني: يصح.
رُوِيَ أَنَّ أَمَامةَ بِنْتِ أَبِي العَاصِ أَصْمَتَتْ فَقِيلَ لَهَا أَلِفُلاَنِ كَذَا؟ أَوَ لِفُلاَنِ كَذَا؟ فَأَشَارَتْ أَنْ: نَعَمْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى- رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم- فرويت أَنَّهَا وَصِيَّةُ.

الصفحة 191