كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

والثاني: يلحقه إلا أن ينفيه باللعان؛ لاحتمال أن ينزل بالساحق، والنسب يثبت بالإمكان.
ولو قذف إنساناً، ثم ادعى القاذف أني كنت يوم القذف صبياً، وقال المقذوف: كنت بالغاً-: فالقول قول القاذف مع يمينه؛ لأن الإنسان لا يخلو عن الصغر.
فإن قال: كنت مجنوناً، وأنكر المقذوف- نظر: إن عرف به جنون سابق، أو قامت بينة على أنه كان به جنون سابق-: فالقول قول القاذف كما في الصغر، وإن لم يعرف-: فالقول قول المقذوف مع يمينه، فإذا حلف-: لا يجب عليه الحد، وله أن يلاعن في الزوجة.
ولو أقاما بينتين في دعوى الصغر والجنون- نظر: إن كانتا مؤرختين بتاريخ واحد-: تعارضتا، وكان كما لو لم يكن لأحد بينة.
وإن كانتا مطلقتين أو مؤرختين بتاريخين مختلفين، وإحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة-: فهما قذفان؛ فعلى القاذف الحد؛ يقذف حالة البلوغ والعقل.
وكذلك لو قذف إنساناً، ثم ادعى القاذف أن المقذوف كان صبياً يوم القذف، وقال المقذوف: بل كنت بالغاً-: فالقول قول القاذف مع يمينه، فإن نكل وحلف المقذوف: وجب الحد على القاذف، إلا أن يلاعن في الزوجة.
وإن أقاما بينتين أو مؤرختين بتاريخين مختلفين-: فهما قذفان أحدهما موجب للحد والآخر للتعزير، ويسقط الكل باللعان في حق الزوجة.
ولو ادعى أنها كانت مجنونة أو أمة أو مشركة؛ فإن عرف بها ذلك-: فالقول قول القاذف مع يمينه، فإن لم يعرف-: فالقول قول المقذوف مع يمينه، والله أعلم بالصواب.
فَصْلُ فِيمَا يُبِيحُ الْقَذْفَ
القذف ينقسم إلى: محظور ومباح وواجب.
وجملته: أنه إذا لم يكن ثم ولد يريد نفيه-: فلا يجب عليه، وهل يباح أم لا؟ نظر: إن رآها بعينه تزني أو أقرت هي [على نفسها] ووقع في قلبه صدقها، أو سمع ممن يثق بقوله، أو لم يسمع، ولكن استفاض بين الناس أن فلاناً يزني بفلانة، وقد رآه الزوج يخرج من بيتها، أو رآه معها في بيت لا على الزنا-: يباح له القذف؛ لتأكد التهمة.
ويجوز أن يمسكها ويستر عليها؛ لما روي أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي امرأة لا

الصفحة 193