كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

ترد يد لامس؟ قال: طلقها، قال: إني أحبها، قال: فامسكها.
فأما إذا سمعه ممن لا يثق بقوله، واستفاض بين الناس، ولكن الزوج لم يره معها، أو رآه معها في بيت، أو يخرج من عندها، لكنه لم يستفض بين الناس-: فلا يحل له قذفها؛ لأنه قد يذكره غير ثقة، فينتشر، وقد يدخل بيتها خوفاً من قاصد، أو لسرقة، أو لطلب فجور، فتأبى المرأة؛ فهو كما لو نظر رجل في صير بابه لا يباح له قذف زوجته به؛ قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ} [النور: 11] الآية.
أما إذا كان ثم ولد يريد نفيه- نظر: إن تيقن له أنه ليس منه بأن لم يكن وطئها الزوج، أو وطئها لكنها أتت به لأقل من ستة أشهر من وقت الوطء، أو لأكثر من أربع سنين-: يجب عليه نفيه باللعان؛ لأنه ممنوع من استلحاق نسب الغير؛ كما هو ممنوع من نفي نسبه.
وروي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أَيُّمَا امْرَأةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ: فَلَيْسَتْ مِنَ الله فِي شَيءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا الله جَنَّتَهُ"؛ فلما حرم على المرأة أن تدخل على قوم من ليس منهم-: كان الرجل كذلك.
ثم إن كان شاهدها على الزنا-: عليه أن يقذف ويلاعن، وإن لم يشاهدها-: فلا يقذفها؛ لاحتمال أنها أتت به من وطء شبهة، أو من زوج قبله، فإن احتمل أن يكون منه: بأن أتت به لأكثر من ستة أشهر من وقت الوطء، ولدون أربع سنين- نظر: إن لم يكن قد استبرأها بحيضة أو استبرأها وأتت به لدون ستة أشهر من وقت الاستبراء-: لا يحل له القذف والنفي، وإن اتهمها بالزنا؛ قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه-: احتجب الله عنه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين".
وإن استبرأها، وأتت به لأكثر من ستة أشهر من وقت الاستبراء-: يباح له القذف والنفي، والأولى ألا يفعل؛ لأنها قد ترى الدم على الحبل، وإن كان الزوج يطؤها ويعزل، فأتت بولد-: لم يجز نفيه؛ لأنه قد يسبق من الماء ما لا يحس به فيعلق منه.
وإن كان يجامعها فيما دون الفرج-: ففيه وجهان:

الصفحة 194