كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

فإن لاعن عن زوجته: حد لأمها، وإن امتنع عن اللعان-: يحد حدين، فمن حضرت منهما وطلبت حدها-: حد لها، وإن حضرتا معاً-: بأيهما يبدأ؟ فيه أوجه:
أصحهما: يحد للأم؛ لأن حقها أعظم، ولأن حق البنت يعرض للسقوط، فربما يبدو له أن يلاعن.
والثاني: يبدأ بحد البنت؛ لأنه قدمها في اللفظ.
والثالث: يقرع بينهما.
وعند أبي حنيفة يحد للأم، ويسقط اللعان.
ولو قذف زوجته وأجنبية بكلمة واحدة: فإن قلنا بظاهر المذهب: إنه تتعدد الحدود-: فيلاعن عن الزوجة، ويحد للأجنبية.
وإن قلنا: لا يتعدد الحد: فإن لاعن عن الزوجة-: يحد للأجنبية، وإن لم يلاعن-: حد لهما حداً واحداً، حتى لو طلبت الأجنبية حدها، فحد لها-: سقط الحد واللعان في حق الزوجة، إلا أن يكون ثم ولد فله أن يلاعن لنفيه.
ولو عفت أحداهما للأخرى-: طلبت حدها على القولين جميعاً.
ولو قال لامرأته وأمها: أنتما زانيتان، ولم يلاعن عن زوجته، وقلنا: يتعدد الحد-: فبأيهما يبدأ؟ فيه وجهان:
أظهرهما: يحد للأم.
والثاني: يقرع بينهما، فحيث أوجبنا عليه حدين. إما الواحد أو الاثنين: فإذا أقيم أحد الحدين-: لا يقام الثاني، حتى يبرأ جلده عن الأول.
وإن كان القاذف عبداً: هل يوالى عليه بين الحدين؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، لأنهما حدان، فلا يقام الثاني ما لم يبرأ جلده عن الأول.
والثاني: يجوز؛ لأنه ليس فيه إلا موالاة ثمانين جلدة، وذلك لا يمتنع؛ كالحر إذا قذف واحداً؛ يوالي عليه ثمانين جلدة، والله أعلم.
بَابُ أَيْنَ يَكُونُ اللِّعَانُ، وَكَيْفِيَّتِهِ؟
رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنْ عُوَيْمِراً العَجْلاَنِي قَالَ: يَا رَسُولَ الله [أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَقْتُلُهُ فَيَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: "قَدْ أَنْزَلَ الله] فِيكَ وَفِي

الصفحة 207