كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

وقيل: يجوز.
ولو فرق كلمات اللعان-: جاز، ولو بدأ بلعان المرأة-: لم يجز؛ لأن لعانها لإسقاط الحد، ولم يجب عليها الحد قبل لعانه.
ويلاعن بالعربية إذا كان يحسنها، وهل يجوز العدول إلى غيرها؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز بأي لسان كان؛ لأنه يمين كسائر الأيمان.
والثاني: لا يجوز؛ لأن الشرع ورد به بالعربية؛ فلا يجوز بغيرها مع المقدرة؛ كأذكار الصلاة.
وإن كان لا يحسن العربية-: يلاعن بلسانه، ثم إن كان القاضي يحسن لسانه لا يحتاج إلى مترجم؛ لكن المستحب أن يكون بحضرة أربعة ممن يحسن لسانه.
وإن كان القاضي لا يحسن لسانه-: فلا بد من مترجمين، ويكتفي بمترجمتين في لعان المرأة؛ لأن لعانها لنفي الزنا.
وفي لعان الزوج هل يتكفي بمترجمين، أم لا بد من أربعة؟ قيل: يكتفي بمترجمين؛ كما في جانب المرأة.
وقيل: فيه قولان؛ بناءً على أن الإقرار بالزنا هل يثبت بشهادة رجلين؟ وفيه قولان.
ووجه الشبه بينهما: أن اللعان من الزوج قول يثبت به الزنا على المرأة؛ كالإقرار بالزنا، وإن لم يكتف في إثبات الإقرار بشهادة رجلين-: لا يكتفي في إثبات اللعان بترجمة رجلين.
فَصْلُ
رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنْ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ الله اقْضِ بَيْنَنَا بِكَتَابِ الله، وَقَالَ الآخَرُ- وَكَانَ أَفْقَهَهُمَا-: أَجَلْ يَا رَسُولُ الله، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ الله وَأَذَنْ لِي فِي أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: تَكَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفاً عَلَى هَذَا، فَزَنَا بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافَتَدَيْتُ مِنْهُ بِمَائَةِ شَاةٍ، وَبِجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي إِنَّما عَلَى ابْنِي جَلْدُ مَائَةٍ وَتَغْرِيبُ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ الله، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدُّ إِلَيْكَ"، وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَاماً، وَأَمَرَ أَنِيساً الأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأتِيَ امْرَأَةَ

الصفحة 212