كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

الآخَرِ: "فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا"، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا.
إذا قذف رجل آخر بين يدي الحاكم، أو قذف امرأته برجل بعينه، والرجل غائب- فعلى الحاكم أن يبعث إلى المقذوف، ويخبره بأن فلاناً قذفك وثبت لك حد القذف عليه؛ كما لو ثبت له مال على آخر، وهو لا يعلمه-: يلزمه إعلامه.
وعلى هذا المعنى: كان بعث النبي- صلى الله عليه وسلم-: أنيساً؛ ليخبرها أن فلاناً قذفها بابنه، ولم يبعثه ليتفحص عن زناها.
وقد قال الشافعي- رضي الله عنه-: وليس للإمام إذا رمي رجل بالزنا: أن يبعث إليه، فيسأله عن ذلك؛ لأن الله تعالى قال {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12] أراد به إذا لم يكن القاذف معيناً؛ مثل: أن قال رجل بين يدي الحاكم: الناس يقولون: إن فلانا زنى-: فلا يبعث الحاكم إليه، ويسأله، وكذلك: إذا سمع رجلاً يقول: زنى رجل من غير تعيين، أو في هذه السكة زان-: لا يتفحص عنه؛ لقوله تعالى: {لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 1.1].
وكذلك: لو سمع رجلاً يقول: سمعت رجلاً يقول: فلان زان-: لا يحد به؛ لأنه حاك، ولا يسأله عن القاذف.
أو أراد: أنه إذا قذف زوجته برجل بعينه، فطالبته المرأة بالحد، أعني طلبها عن طلب المرمي به؛ لأنه إذا لاعن سقط حد المرمي به؛ فلا فائدة في البعث إليه، وإخباره بعد سقوط حقه، والله أعلم.
فَصْلُ
روي عن ابن عمر؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال للمتلاعنين: "حسابكما على الله، أحدكما كاذب؛ لا سبيل لك عليها".
إذا لاعن الرجل عن امرأته-: حرمت عليه على التأبيد، إن كان قبل الدخول-: يجب لها نصف المهر، وإن كان بعد الدخول-: فلها كمال المهر المسمى، وعليها العدة، ولها السكنى، ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملاً؛ كالمطلقة ثلاثاً، وإن نفى الحمل باللعان-: فلا نفقة لها، وهل تنقضي عدتها بوضع الحمل المنفي عنه؟ وجهان:

الصفحة 213