كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

قذفاً إلا أن يريده؛ لأن ظاهر هذا الكلام اللمس والنظر؛ بدليل أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "العَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ، ويُصَدِّقَ ذَلِكَ الفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ"؛ فبين أن الزنا لا يتحقق من هذه الأعضاء إلا بمعاونة الفرج.
ونقل المزني أنه قذف.
فمن أصحابنا من جعل على قولين.
والمذهب: أنه ليس بقذف، والنقل [وقع] خطأ.
أما الكنايات؛ مثل: أن يقول: يا فاسقة، يا فاجرة، يا خبيثة، يا قوادة، يا مؤاجرة، يا غلمة، يا شبقة، يا بنت الحرام، وامرأتي لا ترد يد لامس-: فلا يكون قذفاً إلا أن يريده.
وكذلك: لو قال العربي: يا نبطي، أو لنبطي: يا عربي، أو لهندي: يا تركي، فإن أراد به القذف-: فهو قذف لأم المقول له؛ وألا فلا.
وإن قال: عنيت به نبطي الدار أو اللسان، وادعت أم المقول له أنه أراد به القذف-: فالقول قوله مع يمينه، فإن نكل حلفت وحدها، إن كانت محصنة، وإن لم تكن محصنة-: عزر، وإطلاقه محمول على أم المقول له.
وإن قال: عنيت قذف جدتك- نظر: إن عين جدة مسلمة- حد لها، وإن عين جدة كافرة-: عزر بعد ما يحلف أنه أرادها.
وإن قال عنيت جدة لا بعينها-: لا حد عليه، ويعزر؛ كما لو قال: أحد أبويك زان.
ولو قال: يا لوطي-: فلا حد عليه، إلا أن يريد أنه يعمل عمل قوم لوط؛ فيجب عليه الحد.
ولو قال: لطت أو: لاط بك فلان باختيارك-: فهو قذف.
ولو قال: أتيت بهيمة: إن جعلناه زنا- يجب به الحد؛ وألا فلا.
أما التعريض: فليس بقذف، وإن أراده؛ وذلك مثل قوله يا بن الحلال، أما أنا فما زنيت، وليست أمي زانية، وأشباهها.
وعند مالك- رضي الله عنه- كلها قذف.
وقيل: التعريض كناية، إذا نوى به القذف [فهو كناية، بقوله: الحلال بن الحلال، وما

الصفحة 222