كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

وهل يشترط أن يقول بلسانه: نفيت؟ فيه وجهان:
وإن كان مريضاً أو محبوساً، أو قائماً على مريض، أو كان غائباً لا يقدر على المسير، فأشهد على نفيه-: فهو على حقه، وإن لم يشهد مع القدرة على الإشهاد-: بطل حقه.
وإن كان غائباً نفاه عند قاضي البلد، فإن أخر ليرجع إلى بلده نظر: إن أشهد، وأخذ في المسير على الإمكان-: لم يبطل حقه، ولو أخر في المسير مع الإمكان-: بطل حقه، وإن أشهد.
وإن أخذ في المسير في الحال ولم يشهد-: هل يبطل حقه؟
فيه وجهان:
أصحهما: يبطل.
وإن أخر النفي، وادعى أني لم أعلم بالولادة-: قبل قوله مع يمينه، إن كان غائباً، وإن كان حاضراً في الدار-: لا يقبل قوله إلا على ساعتين أو نصف يوم؛ لأن خبر الدار قد يخفى عليه هذا القدر.
ولو قال: علمت بالولادة، ولم أعلم أن حق النفي ثابت لي-: لا يقبل ذلك من العالم.
وهل يقبل من العامي؟ فيه وجهان؛ كما في خيار العتق.
ولو قال: سمعت ولم أصدق الخبر- نظر: إن سمع من عدلين-: بطل حقه، وإن سمعه من الفساق أو الصبيان-: قبل قوله، وإن سمع من عدل واحد-: فوجهان:
أصحهما: أنه يقبل، ويجوز له تأخير نفي الحمل إلى أن تضع.
وإن قلنا: الحمل يعرف؛ لأنه قد يتبين ريحاً، فلو أخر حتى خرج، وقال: أخرته؛ لأني لم أتحققه ولداً-: فله نفيه.
وإن قال: علمته ولداً، لكني أخرته؛ رجاء أن يموت فأستر عليها، ولا أحتاج إلى اللعان-: لزمه، ولا نفى له، ولو هنئ بمولود، فقيل: هنئت فارساً، وجعله الله لك ولداً صالحاً، أو متعك بالولد الذي رزقك، فقال: آمين، أو نعم، أو استجاب الله دعاءك-: فهو إقرار به لا نفي له بعده، وإن أجاب بما لا يتضمن إقراراً، فقال: جزاك الله خيراً، أو بارك عليك، أو رزقك مثله-: فلا يكون إقراراً، وله النفي؛ لأنه قابل الدعاء بالدعاء.
فَصْلُ
رُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ تَنَازَعَا عَامَ الفَتْح فِي وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَقَالَ

الصفحة 229