كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

سَعْدُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي، فَقَالَ رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ؛ الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ".
وقال عمر- رضي الله عنه-: لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعد، أو أمسكوهن إذا أتت أمة رجل بولد-: لا يلحقه ما لم يقر بوطئها، فإذا أقر بوطئها، وأتت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الوطء-: فهو ينفي عنه، فإن أتت به لستة أشهر فأكثر من وقت الوطء، ولدون أربع سنين-: فهو يلحق به، إذا لم يدع الاستبراء، فإن ادعى الاستبراء بعد الوطء-: نظر: إن أتت به لأقل من ستة أشهر من وقت الاستبراء-: فهو يلحق به، ولا حكم للاستبراء.
وإن أتت به لستة أشهر فأكثر من وقت الاستبراء-: فهو ينفي عنه.
فإذا ألحقنا به ولداً، فأتت بعده بولد آخر- نظر: إن كان بينهما أقل من ستة أشهر-: فالثاني يلحق به؛ لأنهما حمل واحد، وإن كان بينهما ستة أشهر فصاعداً-: فالثاني هل يلحقه فيه وجهان:
أحدهما: يلحقه، لأنها صارت فراشاً بالوطء؛ فيلحقه أولادها عند الإمكان؛ كما في فراش النكاح.
والثاني: لا يلحقه إلا بإقراره جديد بالوطء؛ لأن الفراش قد ارتفع بولادة الأول؛ كما يرتفع بالاستبراء.
وأصل هذا أنه إذا زوج أم ولده، فطلقها زوجها قبل الدخول، أو بعد الدخول، أو انقضت عدتها-: هل يعود فراشاً للسيد قبل الوطء؟ فيه قولان:
أحدهما: يعود فراشاً، حتى لو أتت بولد بعد الطلاق، وانقضاء العدة لستة أشهر فأكثر يكون للسيد.
ولو مات السيد، أو أعتقها قبل أن يمسها-: يلزمها الاستبراء؛ نص عليه في "الأم".
والثاني: لا يعود فراشاً له، ما لم يطأها، حتى لو أتت بولد لدون أربع سنين-: فمن وقت الطلاق يلحق الزوج؛ كما لو أتت به لدون ستة أشهر، وإن أتت به لأربع سنين فأكثر-: فمنفي عنه.
ولو مات السيد أو أعتقها-: لا استبراء عليها.

الصفحة 230