كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

فإذا هل هلال الرابع-: انقضت عدتها.
وما ذكره في رواية الربيع، أراد به أنه إذا طلقها، وقد بقي من الشهر أكثر من خمسة عشر يوماً-: فيحسب بقية ذلك الشهر قرءاً؛ لأنا نتيقن أن جزءاً منه طهر.
فإذا هل هلال الثالث: انقضت عدتها.
ومنهم من قال- وهو الأصح-: إن بقية الشهر يحسب قرءاً، ون لم يبق منه إلا قليل، لأنا نجعل حيضها من ابتداء كل شهر، فلا يكون بعده إلا شهران، فحيث قال: إذا هل هلال الرابع حسب في العددة من الشهر الذي وقع فيه الطلاق-: فجعله مع الشهرين بعده ثلاثة.
وإن كانت المستحاضة ترى يوماً دماً، ويوماً نقاءً، أو يومين نقاءً، ثم دماً؛ بحيث لا يتخلل بين الدمين أقل الطهر-: فعدتها لا تنقضي في أقل من ثلاثة أشهر، سواء قلنا تلفق الدماء، أو لا تلفق، لأن الواجب عليها أن تعتد بثلاثة أقراء كوامل، والأطهار المتخللة بين الدماء؛ إن أعطينا لها حكم الطهر في وجوب الغسل والصلاة والصوم؛ على أحد القولين، لكن كل واحد ليس بطهر كامل، بل كلها طهر واحد يفرق بين الدماء، فيتم لها في كل شهر قرء، والله أعلم.
فَصْلُ
المعتدة إذا ارتفعت حيضتها بعد أن حاضت مدة قبل بلوغها سن الآيسات- نظر: إن ارتفعت من مرض، أو رضاع ولد، أو ولد بباطنها-: فعليها أن تعتد بالأقراء، وإن طالت المدة-: فينتظر زوال العلة، ثم تكمل المدة.
وإن ارتفعت لغير عارض-: ففيه قولان:
قال في الجديد- وهو المذهب: وبه قال علية العلماء-: عدتها لا تنقضي حتى يمضي بها ثلاثة أقراء، أو تبلغ سن الآيسات، ثم تعتد بثلاثة أشهر؛ كما لو كان انقطاع دمها لعارض؛ لأن الله تعالى قال: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] وهذه ليست من الآيسات، ولا من اللائي لم يحضن.
وفي القديم قولان:
أحدهما: تتربص تسعة أشهر، ثم تعتد بثلاثة أشهر؛ لأن الغالب أن الحمل لا يبقى في البطن أكثر من تسعة أشهر، ويروى هذا عن عمر، رضي الله عنه.
والثاني: تتربص أربع سنين، ثم تعتد بثلاثة أشهر؛ لأن براءة الرحم لا تتيقن إلا بمضي أربع سنين.

الصفحة 239