كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

فَصْلُ
قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] الآية.
إذا وقعت الفرقة بين الزوجين في الحياة قبل الدخول-: لا يجب عليها العدة، فلو طلقها، واختلفا في الإصابة، فقال الزوج: أصبتها-: فلي الرجعة، وأنكرت المرأة-: فالقول قولها مع يمينها؛ لأن الأصل عدم الإصابة.
ولو أقام الزوج بينة على إقرارها بالإصابة-: فلا يقبل إلا من رجلين؛ لأن مقصوده إثبات الرجعة، والرجعة لا تثبت إلا برجلين عدلين.
وإن قالت المرأة: أصبتني؛ فعليك تمام المهر، وأنكر الزوج-: فالقول قوله مع يمينه، فلو أقامت المرأة رجلاً وامرأتين، أو شاهداً واحداً وحلفت معه على إقراره بالإصابة-: يقبل؛ لأن مقصودها إثبات المال، والمال يثبت برجل وامرأتين وبشاهد ويمين.
ولو أنكر الزوج الإصابة، وحلف عليها، فأتت المرأة بولد لستة أشهر فأكثر من وقت النكاح، ولدون أربع سنين من وقت الطلاق-: يلحقه النسب، إلا أن ينفيه باللعان.
وهل يحكم بالإصابة حتى يجب كمال المهر؟
نقل المزني: أنه يجعل مصيباً، وعليه كمال المهر.
قال الربيع: وفيه قول آخر: أنه لا يجعل مصيباً؛ لاحتمال أنها استدخلت ماءه فعلقت منه، ولا يجب به كمال المهر؛ فحصل قولان:
أحدهما: القول قوله، ولا يجب إلا نصف المهر؛ لاحتمال العلوق بالاستدخال، والإتيان فيما دون الفرج.
والثاني: القول قولها مع يمينها، ويجب كمال المهر؛ لأن الغالب أن العلوق يكون بالإصابة، ويندر بالاستدخال؛ فقد يقوى به جانبها.
فإن قلنا: القول قولها-: فلا رجعة للزوج؛ لأنه منكر للإصابة، فقوله على نفسه مقبول، والله تعالى أعلم بالصواب.
باب/ عدة الأمة
قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: "يُطَلِّقُ العَبْدُ تَطْلِيقَتْينِ، وَتَعْتَدُّ الأَمَةُ

الصفحة 248