كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

وتحلف، ثم ترد إلى منزلها، وإن كانت مخدرة-: بعث الحاكم إليها من يقيم الحد عليها، ويحلفها في منزلها، والله أعلم.
فَصْلُ
روي أن فاطمة بنت قيس بت زوجها طلاقها، فأمرها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، قال ابن المسيب: كان في لسانها ذرابة، فاستطالت على أحمائها.
وكل امرأة أوجبنا لها على الزوج السكنى-: فيختص ذلك بالوضع الذي وجد فيه الفراق، إن كان ملكاً للزوج لقوله تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أراد به بيتاً تسكنه المرأة لا بيتاً تملكه؛ بدليل أنه جوز إخراجها عند البذاءة، ولا يجوز إخراجها عن ملكها؛ بسبب البذاءة فإن بذت على أحماءها-: تسقط سكناها، وعليها أن تعتد في بيت أهلها، وإن كانت البذاءة من الأحماء-: فإنهم ينقلون، ويتركون المسكن لها، وهذا إذا كانت مع الإحماء في دار واحدة، وهي واسعة تسع جميعهم، وإن كانت الدار ضيقة لا تسع لهم جميعاً-: ينقل أهل الزوج، وتترك الدار للمرأة.
وإن كانت هي في دار، وأهل الزوج في أخرى-: فلا تنقل عنها بالبذاءة.
وإن كانت الدار تسكنها بكراء-: فعلى الزوج الكراء.
وإذا انقضت مدة الإجارة، أو كانت عارية، فرجع المعير، أو انهدمت الدار، أو كان في جوار الفسقة يخشى عليها-: فعلى الزوج نقلها إلى موضع آخر قريب منها، وفي العارية: إن طلب المعير الكراء-: فعلى الزوج الكراء، وإن طلب أكثر من أجرة مثلها-: فله نقلها، وإن كان الزوج نزل على أبي زوجته: فإن رضي أب المرأة بإقرارها في منزله؛ وإلا نقلها الزوج إلى دار قريب منها، ويتحرى أقرب المواضع إلى ذلك الموضع؛ كالزكاة إذا لم يكن في بلد وجوبها من يستحقها-: نقلها إلى أقرب البلاد إليه، وإن كان المسكن للمرأة-: لزمها أن تعتد فيه، ولها طلب الزوج بأجرة المسكن، لأن سكناها عليه، وعليه أن يسكنها دار تليق بحالها، وتصلح لمثلها في السعة والضيق، ويعتبر حالها يوم الطلاق، قال الله عز وجل: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ} [الطلاق: 6] الآية.
فإن طلقها، وهي في دار ضيقة لا تليق بحاله فإن رضيت بها؛ وألا فعلى الزوج أن ينقلها إلى أوسع منها، وإن كانت في دار أرفع مما تستحقه: فإن رضي الزوج بتركها؛ وألا نقلها إلى دار تليق بحالها.
وليس للزوج أن يساكنها في تلك الدار، وإن كانت واسعة، إلا أن يكون معها محرم

الصفحة 256