كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

لها من الرجال، أو معه ذوات محرم له؛ فيجوز مع الكراهية؛ لأنه يشق الاحتراز عن وقوع البصر عليها.
وإن كانت فيها حجرتان، أو لها علو وسفل [و] لم يكن ممر أحدهما على الآخر-: ينفرد كل واحد بالمرافق والمطبخ والمستحم، فسكن كل واحد حجرة، وأغلقت دونه الباب، أو سكن أحدهما العلو، والآخر السفل-: جاز كالدارين المتجاورين.
وإن كانت الدار ملكاً للزوج، فأفلس، أو مات بعد الطلاق، وعليه دين-: لا تباع تلك الدار في الدين، حتى تنقضي عدتها؛ لأنها استحقت سكناها، فكان حقها مقدماً في السكنى على حق الغرماء والورثة، كالدار المكراة، فلو بيعت الدار، سواء كان الزوج مفلساً أو لم يكن-: هل يصح بيعها أم لا؟ نظر:
إن كان عدتها بالأشهر-: ففي صحة البيع قولان؛ كبيع الدار المكراة.
فإن قلنا: يصح-: تقع مدة العدة مستثناة، وإن كانت تعتد بالأقراء أو بوضع الحمل-: فلا يصح البيع؛ لأن مدة انقضائه مجهولة.
وإن كانت لها عادة مستقيمة في الأقراء أو وضع الحمل؛ لأن العادة قد تختلف؛ كما لو باع داراً، أو استثنى منفعتها مدة مجهولة-: لا يصح هذا، إذا سبق الطلاق.
فأما إذا حجر على الزوج، ثم طلقها-: فالمرأة تضارب الغرماء بالسكنى، فيستأجر لها بحقها مسكن تسكن فيه؛ لأن حقها- وإن ثبت بعد حقوق الغرماء- إلا أنه يستند إلى سبب متقدم، وهو الوطء في النكاح، وكذلك: إذا لم يكن للزوج دار-: فالمرأة تضارب الغرماء بالسكنى، سواء كان الطلاق بعد الحجر أو قبله، ثم إن كانت عدتها بالأشهر-: تضارب الغرماء بكراء مثل تلك المدة؛ وكذلك: إذا كانت عدتها بالأقراء أو بوضع الحمل؛ ولها عادة مستقيمة في الأقراء والحمل.
ثم إن انقضت عدتها في أقل من ذلك-: ردت الفضل.
وإن امتدت أكثر من ذلك-: أخذت الفضل من الغرماء؛ كما لو ظهر غريم آخر-: زاحمهم.
قال الشيخ- رحمه الله-: فإن لم تظفر بالغرماء-: ترجع على المفلس بعدما أيسر.
وإن كانت عادتها مختلفة-: ضاربتهم بالأقل، ثم إن جاوزت-: أخذت الزيادة من الغرماء، أو من المفلس إذا أيسر.
ولو مات الزوج في خلال عدتها-: لا تسقط سكناها.

الصفحة 257