كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

ميت فوق ثلاث إلا المرأة: فإنها تحد على زوجها أربعة أشهر وعشراً، وهو أن تتخلى عما تدعو إليه شهوتها من الزينة والطيب، وذلك واجب على المرأة في عدة وفاة الزوج.
أما المعتدة من الطلاق: إن كانت رجعية-: فلا إحداد عليها، ولها أن تضع ما يميل قلب الزوج إليها؛ ليراجعها.
وإن كانت بائنة بخلع، أو استيفاء ثلاث طلقات، أو فسخ بعيب-: فهل عليها الإحداد؟ فيه قولان:
أحدهما: وهو قول سعيد بن المسيب، ومذهب أبي حنيفة-: عليها الإحداد؛ كالمتوفى عنها زوجها.
والثاني: لا يجب؛ لأن اليأس لم يقع عن معاودة الزوج إياها كالرجعية.
أما المعتدة عن وطء الشبهة والنكاح الفاسد-: فلا إحداد عليها؛ كأم الولد.
وقيل المفسوخة نكاحها كالموطوءة بالشبهة، ويجب الإحداد على الأمة والذمية والصغيرة والمجنونة، إذا مات زوجها، ويمنع الولي الصغيرة والمجنونة عما تمنع عنه العاقلة البالغة.
وقال أبو حنيفة: لا إحداد على هؤلاء.
وكيفية الإحداد ما رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ؛ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قَالَ "لاَ تُحِدُّ امْرَأَةُ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشراً، وَلاَ تَلْبَسُ مَصْبُوغاً إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلاَ تَكْتَحِلُ وَلاَ تَمَسُّ طَيباً إِلاَّ إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةُ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ"؛ فلا يجوز للحادة الطيب، ولا يجوز لها تدهين رأسها بأي دهن، كان فيه طيب أو لم يكن؛ لأَنَّ فِيهِ تَزْيينَ الشَّعْرِ، ويجوزُ لها تدهينُ بدنها بدُهْن لا طِيبَ فِيه؛ كالشَّيرَج ونحوه.
وإن كان فيه طيب؛ مثل دهن الورد والبنفسج والبان-: فلا يجوز؛ وكذلك: لا يجوز لها أكل طعام فيه طيب، فإن نبتت لها لحية-: لا يجوز لها تدهينها،-[وإن لم يكن فيه طيب]، لأن اللحية- وإن كانت قبيحة للنساء-: ففي تدهينها نوع زينة.
ولا يجوز أن تكتحل بكحل فيه طيب، وإن لم يكن فيه طيب- نظر: إن كان أسود-: لا يجوز؛ لأن فيه زينة.
فإن اضطرت إليه-: تكتحل ليلاً، وتمسحه بالنهار.

الصفحة 263