كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

فَصْلُ فِي اسْتِبْرَاءِ الأَمَةِ
رُوِيَ عَنْ رَسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّهُ نَهَىعَامَ سَبْيِ "أَوْطَاسِ" أَنْ تُوطَأَ حَامِلُ حَتَّى تَضَعَ، أَوْ حَائِلُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً".
من ملك أمة- لا يجوز له أن يطأها حتى يستبرئها، سواء ملكها بابتياع، أو اتهاب، أو قبول وصية وارث، أو سبي، أو كمل ملكه عليها، بأن كانت مشتركة بينه وبين غيره، فملك نصيب صاحبه، وسواء كانت الجارية صغيرة أو كبيرة، بكراً أو ثيباً، ملكها من رجل أو امرأة.
وقال مالك: إن كانت ممن توطأ-: يجب الاستبراء؛ وألا فلا.
والاستبراء بوضع الحمل إن كانت حاملاً، وإن كانت حائلاً- فبحيضة كاملة، إن كانت ممن تحيض، وإن كانت ممن لا تحيض- ففيه قولان:
أحدهما: بشهر واحد.
والثاني: بثلاثة أشهر؛ كما ذكرنا في أم الولد.
وإنما ينقضي الاستبراء بوضع الحمل في المسبية.
أما المشتراة إن كان حملها من زوج أو وطء شبهة-: فهذه معتدة [اشتراها]، فإذا وضعت خرجت عن العدة، وهل تخرج عن الاستبراء؟ فيه قولان:
أحدهما: تخرج؛ كالمسبية، إذا وضعت حملها.
والثاني: لا تخرج؛ لأن العدة كانت من الزوج، فلا يداخلها الاستبراء؛ كما أن العدة لا تنقضي بوضع حمل من غير صاحب العدة، بخلاف المسبية؛ فإن حملها من كافر؛ فلا يكون له من الحرمة ما يمنع من انقضاء الاستبراء، وإن كان حملها من زنا-: فلا ينقضي الاستبراء بوضعه.
فإن كانت ترى الدم على الحبل، وقلنا: إنه حيض: فإذا مرت بها حيضة على الحبل-: تحسب عن الاستبراء على الصحيح من المذهب، وإن قلنا: ليس ذلك بحيض، أو كانت لا ترى الدم-: فيشترط أن يمر بها حيضة بعد وضع الحمل.
ولو ملكها حائضاً-: لا تحسب تلك الحيضة عن الاستبراء، حتى يمر بها حيضة كاملة في ملكه، ولو حاضت بعد الملك قبل القبض- نظر: إن ملكها بإرث-: تحسب تلك

الصفحة 279